هل تتوقف عن التسويق والإعلان أثناء الركود؟

المفضلة القراءة لاحقاً

التسويق والإعلان أثناء الركود

بداية من المهم أن نعترف أولاً بأن الجائحة العالمية المعروفة بـ COVID19 سوف يكون لها تأثيرات كبيرة وممتدة على العالم أجمع خلال السنوات القادمة.

وهنا أحب أن أوجه رسالة دعم وشكر إلى كل العاملين بقطاع الرعاية الصحية الذين يرابطون في الخطوط الأمامية ويخوضون حربًا للحفاظ على سلامتنا، وكذلك إلى جميع الأشخاص الذين يعملون في عدد لا يحصى من الأعمال الأساسية التي نعتمد عليها ولا غنى عنها لحياتنا اليومية.

والآن دعونا نوجه انتباهنا إلى الأزمة الاقتصادية التي بدأنا نرى أثرها الحاد والمباشر في عالم التسويق والإعلان.

ما مدى تأثير أزمة كورونا على صناعة الإعلانات؟

قامت شركة Kantar  بدراسة على أكثر من 7000 شخص يعيشون في أكبر سبعة دول صناعية بالعالم، وقد قال 7 من كل 10 أشخاص أن دخلهم الشخصي تأثر أو سيتأثر بالأزمة الحالية. الناس خائفون!

في نهاية الشهر الماضي نشرت شركة IAB نتائج استطلاع حديث لـ 390 من صناع القرار بشأن الإنفاق على الإعلانات (مشتري المساحات الإعلانية والمخططين الإعلاميين والعلامات التجارية). النتائج محبطة!!

24% من العلامات التجارية أوقفت مؤقتًا جميع نفقات الإعلان لما تبقى من الربع الأول من العام المالي وكل الربع الثاني.

فيما تم تقدير انخفاض الإنفاق الإعلاني الرقمي بنسبة 38% وانخفاض الإنفاق على وسائل الإعلان التقليدية بنسبة 43% وذلك لشهري مارس وأبريل.

وكشفت دراسة استقصائية أجريت مؤخرًا على 2200 جهة تسويق بواسطة Marketing Week أن غالبية العلامات التجارية أخرت قرارات الإنفاق على الإعلانات.

وتم تقدير انخفاض على الإنفاق الإعلاني بنسبة 33% على إعلانات وسائل التواصل الاجتماعي و30% على إعلانات البحث المدفوع وذلك في شهري مارس وأبريل.

ولا تستغرب أن يسحب تويتر الشهر الماضي توقعاته بشأن الإيرادات لعام 2020، فيما أشار فيسبوك إلى أنه يرى ضعفًا في أعماله الإعلانية؛ فلا يبدو أن أحدًا محصنًا من تأثيرات فيروس كورونا.

قد يكون من المغري النظر إلى نمو الناتج المحلي الإجمالي أو انخفاضه كمؤشر لصناعة الإعلان، ومع ذلك فقد أظهرت بيانات خلال الركود الاقتصادي لعام 2008 أن انخفاض الإيرادات لوكالات الإعلان الرئيسية كان ضعف انخفاض الناتج المحلي الإجمالي بمرتين.

وبدأت إيرادات الوكالات في النمو مرة أخرى بعد 9 أشهر فقط من بدء نمو الناتج المحلي الإجمالي مرة أخرى، وقد قال مارتن سوريل (Martin Sorrell)، الرئيس التنفيذي لشركة WPP آنذاك ، “لقد قادنا إلى الركود وفقدنا النمو”. 

وأظهر تقرير McKinsey أن الإنفاق الإعلاني بعد أزمة 2008 استغرق أعوامًا حتى يعود إلى المستوى الذي كان عليه عام 2007، فقد كانت الأعوام 2008 و 2009 و 2010 جميعها منخفضة مقارنةً بعام 2007.

واستغرق الأمر أربع سنوات ليعود الإنفاق الإعلاني إلى ما كان عليه قبل الركود، ويتوقع 74% من مشتري الإعلانات أن يكون لفيروس كورونا تأثيرًا أكبر على صناعة الإعلان من الأزمة المالية لعام 2008.

التسويق والإعلان أثناء الركود

ما هي تكلفة أن تختار الظلام؟

في عام 2008 قال ميلوارد براون (Millward Brown) هناك أدلة على أن 60% من العلامات التجارية التي أصبحت في الظلام خلال فترة الركود الاقتصادي (لم تنفق على الإعلانات التليفزيونية لمدة 6 أشهر) شهدت انخفاضًا في استخدام العلامة التجارية بنسبة 24% وفي “صورة العلامة التجارية” بنسبة 28%.

فالعلامات التجارية التي خفضت ميزانيتها الإعلانية كانت أكثر عرضة لخطر خسارة أسهمها مقارنةً بمنافسيها.

وأظهر تحليل عام 2001 من Malik PIMS أن زيادة الإنفاق على التسويق والبحث والتطوير ارتبط بنجاح الأعمال خلال فترات الركود.

وتقدر Kantar أن العلامات التجارية التي تدخل في الظلام (لا تنفق على الإعلانات) لتقلل من التكاليف ستشهد انخفاضًا بنسبة 39% في الوعي بالعلامة التجارية كما سيتأخر تعافيها بعد انتهاء أزمة فيروس كورونا.

وقد أفادت دراسة لمعهد الممارسين للإعلان IPA  عام 2008 أنه بعد خفض الميزانية نعم ستستمر العلامة التجارية في الاستفادة من الاستثمار التسويقي الذي تم خلال السنوات القليلة الماضية، وسيخفف هذا من أي آثار قصيرة الأجل، فسنرى زيادة مضللة بشكل خطير في الربح على المدى القصير، إلا أن الضرر التجاري على المدى الطويل سيكون أكثر خطورة، فخفض الميزانية له تأثيرات مباشرة وإن كانت بعيدة المدى.

وبحثت مؤسسة McGraw-Hill Research في 600 شركة من عام 1980 إلى عام 1985 وظهر أن الشركات التي حافظت أو زادت من إنفاقها الإعلاني خلال فترة الركود عام 1981 كانت مبيعاتها أعلى بنسبة 256% من الشركات الأخرى.

%8 فقط من 25000 شخص حسب دراسة قامت بها Kantar قالوا إن العلامات التجارية يجب أن تتوقف عن الإعلان.

كما أن الشركات التي تستمر بالمحافظة على حضروها الإعلاني وحجم حضورها بالسوق خلال فترة الركود الاقتصادي تلمس تحسنًا طويل الأجل في الربحية يفوق المدخرات قصيرة الأجل.

نافذة وفرصة جديدة في الركود الاقتصادي لكن للشجعان

يمكن للشركات التي لديها حصة كبرى مهيمنة بالسوق، ولديها تكلفة عالية لاكتساب عملاء جدد أن تسحب الإنفاق خلال فترات الركود.

من ناحية أخرى الشركات ذات الحصة السوقية الأقل أو التكاليف الأقل في اكتساب العملاء الجدد فالركود يُعد فرصة لها لزيادة الاستثمار في الإعلانات.

نشر براد ألجات (Brad Algate) بعض الأمثلة في مجلة Forbes  عن كيف كانت فترات الركود لحظة محورية للعلامات التجارية للفوز بحصة أكبر في السوق:

مثلًا حبوب الإفطار: في عشرينيات القرن العشرين كانت شركة Post Consumer Brands رائدة في قطاع حبوب الإفطار إلا أنها خفضت الإنفاق الإعلاني بشكل كبير خلال فترة الكساد الكبير، وفي المقابل ضاعفت شركة Kellogg الإنفاق الإعلاني (التسويق)، وأدخلت منتجًا جديدًا فنمت أرباحها بنسبة 30%، بل هيمنت الشركة على القطاع في العقود القليلة التالية.

السيارات: خلال فترة الركود عام 1973 زادت تويوتا إنفاقها الإعلاني في وقت قلل فيه الجميع إنفاقهم. وبعدها بسنوات أصبحت تويوتا أكبر شركة مصنعة للسيارات المستوردة بالولايات المتحدة بحلول عام 1976.

المطاعم: خلال فترة الركود الاقتصادي عام 1991 قللت McDonald’s من ميزانيتها الإعلانية واستفادت كلًا من Pizza Hut وTecoBell من هذا، فنمت مبيعات Pizza Hut بنسبة 61%، ونمت مبيعات TecoBell بنسبة 40%، بالمقابل انخفضت مبيعات ماكدونالدز بنسبة 28%.

التكنولوجيا: خلال فترة الركود الاقتصادي لعام 2009 زادت مبيعات أمازون بنسبة 28%، فيما استمرت في ابتكار منتجات جديدة مثل Kindle والذي جعل مبيعات الكتب الإلكترونية أكثر من الكتب المطبوعة في يوم عيد الميلاد 2009.

أحد أفضل الاقتباسات حول الإعلان في زمن الركود الاقتصادي هو قول مؤسس Wal-Mart  سام والتون (Sam Walton). عندما سئل، “ما رأيك في الركود؟” أجاب: “فكرت في الأمر وقررت عدم المشاركة” يقصد أنه سيستكمل أعماله كما هي.

كيف تُعلن في وقت الجائحة؟

خلال فترة الركود سيستخدم المعلنون حوافز لتتناسب مع المناخ الاقتصادي، تشمل الاستراتيجيات الشائعة كالعروض الترويجية وخفض الأسعار على المدى القصير وتركيز الرسائل على القيمة التي تقدمها العلامة التجارية. 

في استطلاع Kantar  قال 77% من المستهلكين أنهم يريدون أن تتحدث العلامات التجارية عن مدى فعاليتها ومساعدتها في الحياة اليومية، و 75% يريدون أن تتحدث العلامات التجارية عن الجهود التي تبذلها لمواجهة هذا الموقف و 70% يريدون أن تستخدم العلامات التجارية نغمة مطمئنة.

وما يفعله المعلنون في هكذا ظروف هو أنهم يتخذون إستراتيجية طويلة الأمد لبناء العلامة التجارية ويركزون بشكل أقل على تكتيكات المبيعات، و 45% قد خفضوا الإنفاق على الإعلانات المعتمدة على الأداء (الدفع عند وجود نتائج)، على سبيل المثال تستخدم Nike إعلاناتها للتركيز على أهمية التباعد الاجتماعي.

وهذه فرصة لمزيد من الشراكات الإبداعية مع وكالات الإعلان الموثوق بها، بحيث تركز هذه الشراكات على تطوير محتوى مفيد للمستهلكين مع تمويل هذا المحتوى من قبل العلامات التجارية، بحيث يُعبّر المحتوى عن صوت ونغمة احترافية تصل بسهولة لقلوب وعقول المستهلكين.

نهج جديد للإبداع

أوصت ورقة نشرتها Milward Brown في مايو 2008 بعنوان “التسويق أثناء الركود: تكتيكات البقاء” بأن أفضل طريقة للاستفادة من الإنفاق الإعلاني والإعلامي خلال فترة الركود هي وضعه خلف إبداع عالي الجودة وجعل الحس الإبداعي يعمل بقوة، فعبر دراسة مجموعة متنوعة من الفئات والعلامات التجارية والقنوات تبيّن أن للإبداع تأثير أكبر بمقدار خمسة أضعاف على الربح مثل زيادة الميزانية.

لقد تسببت جائحة فيروس كورونا المستجد COVID19 وعبر هذه الأزمة الاقتصادية لتحديات فريدة للصناعة الإبداعية والتي لم نتهيأ لها بفترات الركود السابقة، فالمحترفون المبدعون اليوم مقيدين بشدة في الخيارات المتاحة لهم للسفر وجمع المحتوى و تطويره.

بالإضافة إلى ذلك أصبحت الحملات أقصر نظرًا لعدم اليقين بشأن مستقبل الوباء، إلى جانب الحاجة إلى امتلاك العلامات التجارية لإبداع حساس في الصوت والنغمة التي يُمكنهم من خلالها الاستمرار في التواجد بدلًا من اللجوء إلى “الظلام“.

ولذا ستشهد قنوات الإعلان والتسويق التي تتيح للعلامات التجارية أن تكون مرنة وديناميكية وسريعة الاستجابة المزيد من الإنفاق مقابل القنوات الثابتة والراكدة.

إعادة هيكلة مفهوم التسويق

بعد الركود الأخير في 2008 انخفض سوق الإعلانات الأمريكي بنسبة 13% وانخفض الإنفاق على الإعلانات الصحفية بنسبة 27%، والإنفاق على الإعلانات الإذاعية 22%، والإعلان بالمجلات 18%، والإعلانات الخارجية 11%، والإعلانات التلفزيونية 5%، والرقمية 2%.

ولم تتعافى بعدها العديد من القنوات الإعلامية التقليدية وذلك لطبيعة التحول إلى الإعلان الرقمي، وهنا يكون السؤال كيف يمكن لهذا الركود أن يغير المزيج التسويقي بشكل دائم بين القنوات الرقمية المختلفة؟ كل شيء ممكن الآن!

فقد ازداد استهلاك وسائل الإعلام بين عشية وضحاها بعد أزمة كورونا ومن المرجح أن يظل مرتفعًا للأشهر القادمة، فقد زاد تصفح الويب بنسبة 70%، والتليفزيون التقليدي بنسبة 63%، ومشاركة وسائل التواصل الاجتماعي بنسبة 61% مقارنة بالمستويات السابقة.

وقد قام 13% من مشتري المساحات الإعلانية بالفعل بزيادة عمليات الشراء المباشر، وقد زاد استهداف أجهزة الهاتف الجوّال بنسبة 34%، حيث أن هذا هو المكان الذي يجذب انتباه المستهلك اليوم، وقام 35% من المعلنين بزيادة الإنفاق على قنوات CTV / OTT.

قبل كورونا تم تقسيم كعكة الإعلان الرقمي العالمي التي كانت تبلغ 330 مليار دولار تقريبًا بشكل متساوٍ تقريبًا بين الإعلان عبر محركات البحث والشبكات الاجتماعية والويب.

ولكن بعد كورونا سيكون التقسيم مختلفًا عن ثلث الكعكة لكل طريقة، ما سيحدث خلال الشهور القادمة سيؤثر على هذا المسار بالنسبة لكل فئة.

الخلاصات الاجتماعية هي الآن “خلاصات الخوف”!

كشفت دراسة استقصائية أجرتها Harris Poll مؤخرا عن كيف يشعر المستهلكون بتأثير وسائل التواصل الاجتماعي عليهم، وقد ألقى 79% باللوم على وسائل التواصل الاجتماعي في تضخيم المخاوف، 78% رأوا صورًا لأشخاص يتقاتلون على المنتجات في متاجر البقالة، 75% قالوا إن السلبية المستمرة على وسائل التواصل الاجتماعي تجعل الناس يشعرون بالخوف.

وأبان فيسبوك بأن استخدام واتساب قد قفز بنسبة 40%، وأن إجمالي الرسائل عبر جميع منتجاته قد نما بنسبة 50% في الشهر الماضي.

وأظهر تقرير من منصة التسويق المؤثرة Klear أن المستخدمين ينشرون قصص انستقرام بنسبة 15% أكثر على مدار الأسبوع بمتوسط 6.1 قصة في اليوم.

وعلى فيسبوك أصبح المحيط يمتلئ “بتغذية الخوف“، فعلى الرغم من الجهود الجيدة التي تبذلها المنصات لتوفير معلومات قيّمة وموثوقة لمؤسسات الصحة العامة ذات السمعة الطيبة، إلا أن الخلاصات الاجتماعية لـ 2.5 مليار شخص نشط على فيسبوك ستجدها مليئة بالإثارة والمعلومات المضللة والسلبية.

قضية المعلومات الخاطئة هذه أكثر دقة في البلدان حيث الثقة في المؤسسات العامة منخفضة، حيث أصبح المستهلكون يثقون في شبكاتهم الاجتماعية أكثر من حكوماتهم.

على سبيل المثال أزال فيسبوك هذا الأسبوع منشورًا للرئيس البرازيلي جايير بولسونارو” حيث ادعى أن “الكلوروكين علاج لكورونا”.

في استطلاع Kantar لـ 25000 مستهلك، ظهرت وسائل الإعلام الوطنية في المقدمة كمصدر للمعلومات الأكثر ثقة، تليها مواقع الويب للوكالات الحكومية، وقال 11% فقط من الأشخاص أنهم يثقون في وسائل التواصل الاجتماعي.

أعلن فيسبوك عن 100 مليون دولار من المنح والائتمانات الإعلانية التي ستكون متاحة لـ 30.000 شركة صغيرة مؤهلة تستخدم منصتها، وأعلنت شركة جوجل أنها ستقدم 340 مليون دولار من أرصدة الإعلانات للشركات الصغيرة.

ستضع هذه التحركات السخية من المنصات ضغوط سوقية إضافية على ناشري الإعلانات المحليين، فسوف يسحق الاحتكار دون قصد الناشرين المحليين الموثوق بهم الذين سيجدون صعوبة في التنافس مع ما هو “مجاني“.

أخيرا دعونا ننهي مقالنا بمقولة “ونستون تشرشل” في واحدة من أكثر الأوقات العصيبة لعالمنا، “لا تدع أي أزمة جيدة تذهب سدى“.

شكرا لوقتكم، كونوا بأمان!

مترجم

إقرأ أيضاً: التسويق وقت الأزمات.. كيف نتعامل مع كورونا تسويقيًا؟




أضف تعليقاً:

يجب عليك لإضافة تعليق

    الأعضاء الذين قرأوا المقال

    ×

    muhammad khatib

    الرتبة: أعضاء تواصل النقاط: 15465

    mostafa hoseiny

    الرتبة: أعضاء تواصل النقاط: 2845

    محمد ال حبشان

    الرتبة: أعضاء تواصل النقاط: 3959

    نيرة النعيمي

    الرتبة: أعضاء تواصل النقاط: 27684

    Nada Alattar

    الرتبة: أعضاء تواصل النقاط: 3285

    yahia faramawy

    الرتبة: عضو متفاعل النقاط: 700

    اشترى اون لاين

    الرتبة: أعضاء تواصل النقاط: 13195

    mohamed dawod

    الرتبة: عضو نشيط النقاط: 265

    Kutaiba Shikhani

    الرتبة: أعضاء تواصل النقاط: 2200

    Suriya Print

    الرتبة: عضو نشيط النقاط: 430
    بالاضافة إلى 4.2k شخص آخر