المحتوى
تعبر جودة الخدمة بشكل عام عن تقييم نهائي وشامل لدى الزبون ينتج من مقارنة توقعاته بإدراكاته وهذا بعد حصوله فعليًا على الخدمة، ولكن هل إدراك الزبون لجودة الخدمة يعني مباشرة رضاه؟
هذا هو سؤال مقالنا: ما الفرق بين جودة الخدمة ورضا العملاء؟
وأي تقييم شامل لخدمة معينة يرتبط بالفجوة بين التوقعات والإدراكات لمستويات الأداء الفعلية للخدمات لدى الزبون.
-
جودة الخدمة المدركة والرضا: تتلخص في العناصر التالية:
قد حدد Gronroos بعدين أساسيين لقياس وتقييم جودة الخدمة لدى الزبائن هما: الجودة الفنية والتي تعبر عن الجوانب الكمية للخدمة، بمعنى المحتوى الفني لتقديم الخدمات، كالتجهيزات المستعملة وسرعة التفاعل اللحظي مع الزبائن، … إلخ.
أما الجودة الوظيفية فتشير إلى الكيفية التي قدمت بها الخدمة إلى الزبون من خلال سلوك العمال، القدرة على التواصل وتقديم النصح والمساعدة، …إلخ وهي أمور يصعب قياسها إذا ما قورنت بالجودة الفنية.
أما Berry ، Parasuraman و Zeithaml فقد حددوا خمسة أبعاد لجودة الخدمة هي: الأشياء الملموسة والاعتمادية والاستجابة والاطمئنان والتعاطف والتي تقيم على أساسها جودة الخدمة المدركة لدى الزبائن، حيث يمكن أن تكمم من خلال الحصول على قياسات متعلقة بالتوقعات والإدراكات لمستويات أداء الخدمات، ولكل بعد من الأبعاد الخمسة.
وعموما وعند المقارنة بين جودة الخدمة والرضا، فحسب Bateson فيعتبر أن جودة الخدمة المدركة تعبر عن موقف يكونه الزبون نابع من تقييمه لعرض الخدمة غالبًا ما يكون مستندًا على مجموع الخبرات السابقة.
أما الرضا فيعبر عن تقييم فجائي ينتج عنه شعور حاصل عن عملية أو تجرية معينة لدى الزبون من خلال مقارنة توقعاته مع إدراكاته للأداء الفعلي للعملية أو التجربة.
فالرضا هنا يعبر عن ناتج التقييم النهائي المجرب من طرف المستفيد لعملية تبادل معينة، وبالتالي نستنتج وجود غموض حول التعاريف المسندة في جودة الخدمة والرضا فكلاهما يستلزم تقييمًا مقارنة بين التوقعات والإدراكات للأداء الفعلي للخدمات.
هذا ولقد حاول الباحثون في مجال تحليل العلاقة بين الجودة المدركة والرضا اعتماد ثلاثة أوجه للتفسير: أول يتعلق بمعايير المقارنة، ثان يتعلق بالأحكام الشعورية والإدراكية، وثالث يتعلق بمستوى التحليل.
-
أولًا: التفسير عن طريق المقارنات العادية أو معايير المقارنة:
يرى Parasturaman وأخرون جانب الاختلاف بين جودة الخدمة المدركة والرضا يكمن في تعريف أو تحديد معنى التوقعات، فقياس الجودة المدركة يرتبط بما الذي ينبغي على الزبون توقعه؟ أي بمدى تطلعات الزبون إلى ما يكون عليه عرض الخدمات المقدم له.
ومن هنا يظهر المستوى المرغوب فيه والمستوى المناسب للخدمة لدى الزبون. أما التوقعات المتعلقة بالرضا فإنها ترتبط بالتصورات الخاصة بالخدمة نفسها، أي ما قد يتوقعه الزبون من الخدمة.
يتعلق المستوى المرغوب بمستوى الخدمة الذي يتمنى الزبون أن يحصل عليه ومدى تحقيق الأداء المرتقب من طرف مقدم الخدمة، بينما يشير المستوى المناسب من الخدمة في المستوى المقبول من الخدمة لدى الزبون والذي يعكس المستوى الأدنى من أداء الخدمة الذي يتوقعه الزبون.
ويوجد بين هذين المستويين من التوقعات نطاق يعرف بمنطقة التحمل، والذي يمثل ذلك المدى من مستوى أداء الخدمة والذي يجده الزبون مرضيًا، وتتمثل الجودة المدركة في المقارنة بين أداء الخدمة الفعلية وتوقعات الزبائن.
فقد يحدث أن يكون مستوى توقعات الزبائن ضعيفًا خاصة قبل التجربة الأولى لهم مع المؤسسة، وقد تكون هناك جودة خدمة إذا وافقت توقعات الزبائن للأداء الفعلي للخدمة حتى وإن كان مستوى التوقعات ضعيفًا، عندها يكون الزيون راضيا عن خدمات وأداء المؤسسة.
وقد يحدث أن يفوق الأداء الفعلى مستوى توقع الزبون ويكون عنها غير راض، مما يجعل الجودة المدركة حسب هذا الطرح تقوم على تناقض كبير، ونجد شيئا من اللبس في تحديد المصطلحين بشكل دقيق.
ويرى Miller أن الرضا يمكن تقييمه من خلال تحقيق الحد المثالي من أداء الخدمة، الذي يعني للزبون الإتقان وتحقيق الحاجات والرغبات خصوصًا المستويات العليا التي حددها ماسلو في ترتيب الحاجات، وهي صعبة المنال أو التحقق الكثير من الأفراد.
الأمر الذي دفع ببعض الباحثين إلى الاعتماد في قياس جودة الخدمة المدركة على الإدراكات فقط في أداء الخدمة وليس بمقارنتها مع التوقعات كنموذج أداء الخدمة (servperf) مثلا.
ومنه يستنتج أن الزبون لا يعتمد فقط على التوقعات كمعايير للمقارنة، بل قد تتعدى وتتغير هذه المعايير إلى أداء العمليات الخدمية للمنافسين، والتجربة الأخيرة مع المؤسسة،…الخ، والتي تكون متداخلة فيما بينها وتختلف حسب الظروف، كما لها تأثيرات مباشرة على نوعية القياس للجودة المدركة والرضا.
-
ثانيًا التفسير عن طريق الأحكام الشعورية والأحكام الإدراكية:
يشير الإدراك إلى العملية التي يقوم من خلالها الفرد باختيار المنبه الحسي وتنظيمها وتفسيرها ضمن صورة متكاملة وتصبح ذات معنى ومضمون.
ويمثل المنبه ضمن هذا السياق أي مؤثر تعرض له الحواس البشرية من سلع ملموسة، وبيئة مادية تقدم فيها خدمات، وإعلانات تجارية… الخ.
أما الشعور فيشير إلى مجموعة العمليات العقلية أو الحالات النفسية التي يعيها الفرد من خلال إدراكه لذاته أو لأحواله أو أفعاله إدراكا مباشرًا.
ولقد تطور هذا النوع من التفسير أكثر في میدان علم النفس إذ أنه يتعلق بالعوامل الإدراكية أو المعرفية (Cognitifs) والعوامل الشعورية (Afleetitis) للرضا وللجودة المدركة لدى الزبون.
فتقييمات الجودة المدركة تميل إلى الجانب الإدراكي أكثر من الجانب الشعوري، حيث ترتكز على الخصائص النفعية والرواسب التي تتركها الخدمات في ذهن الزبون، ومدى تجاوبه يشكل عقلي وموضوعي في ذلك دون النظر عن اعجابه بطبيعة الخدمات.
فمثلا: الإدراكات المتولدة عن جودة استقبال الزبون، الأمان، احترام أوقات العمل، … الخ، أما الرضا فيحتوي على جوانب شعورية أكثر منها جوانب إدراكية، خاصة على الأحاسيس الناتجة عن عنصر المفاجأة ولحظات الإعجاب والمشاعر الممتازة التي يعيشها الزبون خلال فترات تجارية مع المؤسسة الخدمية.
وعادة ما يتعدى تقييم الجودة المدركة إلى عناصر خارجية عند الشخص، فمثلا هل تعتبر خدمة الحجز الآلي لتذكرة الطيران ذات جودة عالية؟ أما ما يخص تقييم الرضا لدى الزبون فقد يكون حكمًا شخصيًا داخليًا غير ظاهري تجاه الخدمة المصرفية، كأن يتم طرح السؤال التالي على الزبون: هل تحب أن تتعامل مع هذه الشركة (شركة طيران مثلا)؟
-
ثالثًا التفسير عن طريق مستوى التحليل:
فحسب هذا النوع من التفسير، فيعتبر كل من Drew arasurfarhan, Bitner, Bolton أن الجودة المدركة تعبر عن موقف شامل ناتج عن تقييم عدة خبرات سابقة ويمكن قياس ذلك ميدانيًا.
بينما الرضا يختص بتجربة تبادلية (بين منتج الخدمة ومستهلكها)، وبالتالي يمكن تفسير العلاقة بين الجودة المدركة والرضا من خلال وجهة نظر تبادلية أو من وجهة نظر أخري علائقية.
فمن وجهة نظر تبادلية، فلقد أثبتت أبحاث .Bitter et al في سنوات التسعينيات أن الرضا يتولد عن مشاعر وأحاسيس الزبون عبر التجارب التي يعيشها، وكذا السلوكيات الناتجة عن ذلك خلال زمن محدد.
فمثلا تجربة رحلة سفر على متن خطوط شركة معينة والأحاسيس والمشاعر التي تنتاب الزبون خلال الرحلة؛ أما الجودة الخاصة بعملية تبادلية معنية فتتعلق بالزبون عبر إدراكه الحالي للمنتج أو الخدمة والتقييم النسبي للتفوق أو النقص في أداء الخدمة.
فمثلا قد تظهر جودة خدمات شركة طيران معينة من خلال تعامل موظفي المؤسسة مع الزبون، جودة استقبال الزبائن، والوقت المستغرق في الانتظار، وكفاءة العاملين، وفهم طلبات وانشغالات الزبائن …الخ.
أما من وجهة نظر علائقية وحسب Bitner et al، فالرضا العلائقي يتعلق بتقييم شامل مستمر لكفاءة المؤسسة الخدمية في توريد الفوائد المرجوة للزبون.
إذ يرتكز على مجموعة تجارب سابقة للزبون مع خدمات المؤسسة والمتراكمة خلال زمن محدد، سواء كانت تلك التجارب بشكل قليل وعابر أو كانت بشكل متكرر ومقصودة.
وبالتالي يتمثل هذ النوع من الرضا في ذلك الرضا التراكمي لدى الزبون خلال تبادلات سابقة لنفس المؤسسة، والذي يعد بالنسبة لها شكل من أشكال الاستثمارات المتاحة لديها باعتبارها مصدر مهم للأرباح وكسب ولاء الزبون، وفي نفس الوقت مؤشر هام في تقييم أداءها في الماضي والحاضر والمستقبل.
أما الجودة العلائقية، فتتمثل في درجة الإحساس الشامل لدى الزبون والمتراكم لديه عن التفوق /أو النقص في خدمات المؤسسة خلال فترة زمنية معينة، سواءً كان ذلك عبر تعامل أو تجرية الزبون نفسه مع المؤسسة، أو كان تأثر من خلال اتصالات الكلمة المنطوقة وأقاويل الزبائن الآخرين مثلًا.
ومما يجب التنويه له فيما يخص التفسير على مستوى التحليل والتفسير على مستوى الأحكام الشعورية والأحكام الإدراكية، أن Dabholkar يشير في أحد أبحاثه إلى أن إدراكات الجودة والشعور بالرضا يظهر الاختلاف بينهما في مستوى التحليل التبادلي فقط، لا على المستوى العلائقي.
ذلك وأنه مع مرور الوقت ومن خلال التبادلات التراكمية للزيون مع المؤسسة؛ يمكن أن تتقارب الجوانب الشعورية إلى جوانب إدراكية أو تتماثل في بناء الموقف الشامل لدى الزبون.
-
جودة الخدمة المدركة ورضا العملاء.. أي منهما يسبق الآخر؟
سنحاول من خلال هذا العنصر تحديد وتحليل العلاقات الترابطية والداخلية بين جودة الخدمة المدركة ورضا الزبائن، من زاوية أي منهما يكون سببًا في حصول الآخر لدى الزبون؛ بمعنى، هل الزبون راض بسبب إدراكه لجودة الخدمة المقدمة له أم لا؟ أم هل أنه أدرك مستوى من الجودة لأنه كان راضيًا؟
وفي هذا السياق نجد عدة آراء ووجهات نظر مختلفة بين الباحثين والمختصين في هذا المجال. يرى فريق أول من الباحثين وعلى رأسهم Taylor و Cronin وغيرهما أن الجودة المدركة تسبق الرضا، ولها تأثير بالغ الأهمية عليه، هذه النظرة نبعت من أبحاثهما حول دراسة العلاقة الترابطية بين الجودة المدركة والرضا على المؤسسات الخدمية سنة 1992.
بينما يرى فريق ثان من الباحثين في هذا الميدان أمثال Oliver و Bitner وغيرهما، أن رضا الزبون يسبق جودة الخدمة وأن نوايا الشراء لدى الزبون ترتبط بشكل أوثق مع مستوى الرضا قياسًا إلى إدراكات جودة الخدمة.
فالرضا الناتج عن تجربة استهلاكية يؤدي إلى تبني موقف شامل حول جودة الخدمة، ويبرر شعور الزبون بناءً على الحالة النفسية التي تبني مواقفه؛ وعليه، يجب أن تُكثف جهود المؤسسة بشكل أكبر نحو عناصر الرضا الأخرى مثل: السعر، مدى توفر الخدمة،…الخ.
وذهب فريق أخر ثالث من الباحثين أمثال Drew و Bolton، إلى أن المفهومين لهما تأثيرات مشتركة على بعضهما البعض من حيث الأسبقية، التي تختلف حسب الحالات.
ومن خلال بعض وجهات النظر السابقة الذكر، يمكن تحليل العلاقة السببية (الترابطية والتداخلية) للرضا وللجودة المدركة من خلال منظورين تفسيريين أولهما يرتكز على مستوى التحليل، وآخر هو التفسير الظرفي.
-
جودة الخدمة والرضا:
تفسير مرتكز على مستوى التحليل وهنا يرتكز في التحليل على المنظور التبادلي والمنظور العلائقي، فلقد ذكر Kenneth مصطلحين خاصين بجودة الخدمة المدركة يتمثلان في الجودة المدركة الخاصة بعملية تبادلية والجودة العلائقية.
حيث اعتبر أن الجودة التبادلية أحد مكونات النماذج الحالية في رضا الزبائن، الأمر الذي ينتج عنه أن الرضا الخاص بعملية تبادلية هو كوظيفة للجودة المدركة، ويمكن أن يكون هذا الرضا نفسه كمحدد أساسي للجودة العلائقية.
أما Parasuraman فاقترح مستويين للتحليل، أولهما يتمثل في المستوى التبادلي حيث يكون رضا الزبون كوظيفة في تقييم جودة الخدمة، وبالتالي وحسب هذا التحليل؛ تصبح الجودة المدركة هي المحددة للرضا.
أما الثاني فيتمثل في المستوى العلائقي والتصورات الشاملة للزبون عن المؤسسة من خلال تراكم تبادلات متعددة، أي يكون مجموع الرضا الخاص بعمليات تبادلية متعددة تدل على التصور والتقييم الشامل لجودة الخدمات، وهذا ما يوافق وجهة النظر القائلة أن الرضا يسبق الجودة المدركة.
-
جودة الخدمة والرضا: التفسير الموقفي (الظرفي):
فحسب هذا النوع من التفسير للعلاقة الترابطية بين الجودة المدركة والرضا، فيعتبر العالم Dabholkar أن هذه العلاقة هي ضعيفة قبل أي تعامل أو تجرية تبادلية للزبون، نظرا لعدم وجود تقييم للرضا عند الزبون (أو تقييم ضعيف جدًا) دون وجود تجربة استهلاكية.
ويتشكل التقييم الشامل للجودة المدركة وللرضا العلائقي بناءً على عدد كبير من التجارب الاستهلاكية لدى الزبون ويصبحا عبر الزمن متلازمين في التقييم بما يكوّن الموقف الشامل للزبون.
كما تختلف هذه العلاقة الترابطية بين الرضا والجودة المدركة حسب اختلاف الزبائن، تجاربهم وكيفيات تقييمهم، إضافة إلى بناء المواقف في ذلك على التعاملات الحاصلة مع المؤسسة الخدمية.
فقد تظهر الجوانب الإدراكية في تقييم الزبون للتجربة الاستهلاكية قبل الجوانب الشعورية، وهذا ما يوافق أن الجودة المدركة تسبق الرضا؛ وفي المقابل، قد تظهر الحالة الشعورية للزبون في التقييم قبل الحالة الإدراكية، والتي توافق وجهة النظر بأن الرضا يسبق الجودة المدركة.
-
جودة الخدمة المدركة والرضا والولاء عند الزبائن
كما ذكرنا سابقًا أن التعاريف التي أعطيت للولاء من وجهة نظر الزبائن تعددت وتباينت حسب آراء الباحثين والمختصين في الميدان التسويقي، ولا شك أن هذا التباين في الأفكار والرؤي بدوره يشعب المؤشرات والعناصر الداخلة في قياس الولاء.
ويعود اهتمام المؤسسات الكبير بولاء الزبائن إلى الفوائد المرجوة منه ودوره الكبير وتأثيره المباشر في زيادة ربحية المؤسسة، خصوصا وأن الدراسات التسويقية تشير إلى أن تكلفة الحصول على زبون جديد هي خمسة أضعاف تكلفة الحفاظ على الزبون الحالي.
ونظرا لوجود علاقات ترابطية بين جودة الخدمة المدركة وبين الرضا تأثيرات كبيرة ومهمة على السلوكيات الشرائية للزبائن وبناء المواقف القرارية والشاملة عن المؤسسة الخدمية وخدماتها وبالخصوص على ولائهم.
ذلك أن الزبون حينما يدرك وجود مستوى عال في الخدمات المقدمة إليه ويكون أيضًا راضيًا عن تعامله مع المؤسسة، فمن المنطقي أن يستمر تعامله معها، وقد يذهب إلى طلب خدمات أخرى، ومنه عبر الزمن يكون الزبون مواليًا للمؤسسة (هذا بشكل نسبي).
والزبائن الموالون عادة ما يكونون مصدرًا رئيسيًا لأرباح المؤسسة بشكل مباشر أو غير مباشر، وذلك من خلال إسهاماتهم تجسدت عبر سلوكيات إعادة الشراء النفس المؤسسة أو المنتج أو العلامة أو من خلال تقليل التكاليف باعتبارهم مدركين أو عارفين بمواصفات العلامة وبكيفيات التعامل مع المؤسسة.
وكذلك فعاليتهم الكبيرة في استخدام موارد المؤسسة أو من خلال ترددهم في التأثير على الزبائن القائمين المحتملين لدى المؤسسة عبر اتصالات الكلمة المنطوقة الايجابية أو من خلال إيمانهم بالعلامة التجارية مما يجعلهم يتقدمون بشكوى للمؤسسة عند مواجهة مشاكل معينة لحلها، وغير ذلك من الأشكال التي تخدم المؤسسة والزبائن من زاوية الولاء.
من خلال ما سبق يمكن تحليل الآثار السلوكية للجودة المدركة والرضا على ولاء الزبائن من خلال أهم المؤشرات التي ينبني عليها الولاء والتي تتمثل في الآتي: سلوك الزبون من خلال إعادة الشراء، التأثر تجاه تغير السعر، اتصالات الكلمة المنطوقة، وشكاوى الزبائن.
-
اتصالات الكلمة المنطوقة (اتصالات من الفم إلى الأذن):
تعبر اتصالات الكلمة المنطوقة عن إحدى الاتصالات غير الرسمية للمؤسسة، وقد أثبتت العديد من الدراسات الميدانية وجود علاقة بين كل من جودة الخدمة والرضا واتصالات الكلمة المنطوقة، والتي لها تأثيرات كبيرة وهامة على سمعة وصورة المؤسسة في نظر الزبائن سواء الحاليين أو المرتقبين.
فلقد خلصت أبحاث كل من Bitter و Oliver وغيرهما في أن اتصالات الكلمة المنطوقة تزداد کلم كان الزبائن راضين أكثر عن منتجات وخدمات المؤسسة، وقد يكون العكس أسوا بالنسبة للمؤسسة، وذلك العدة أسباب نذكر من بينها:
-
- أن الأفراد يرغبون عموما في مساعدة الغير.
- وجود رغبة لدى الغير في المعرفة أكثر.
- التقليل من عنصر القلق لدى الزبائن وذلك باستشارة الآخرين.
- التقليل من نقص الإشباع المعرفي جراء قرارات خاطئة أو سيئة.
ومن جهة أخرى، فقد ذكرت بعض الدراسات أن الزبائن غير الراضين يتوجهون أيضا إلى تبني أسلوب الاتصالات غير الرسمية أي اتصالات الكلمة المنطوقة)، على اعتبار أنهم يبحثون إلى تخفيض نسبة القلق لديهم، أو أعلام الغير بالتجارب السيئة الحاصلة مع المؤسسة، أوالتعبير عن السخط وعدم الرضا، وغير ذلك من الأسباب التي تتعلق بالزيائن سواء كانوا دائمين أو محتملين.
في حين ترجع العلاقة بين جودة الخدمة المدركة واتصالات الكلمة المنطوقة إلى المواقف التي يتبناها الزبون نحو المنتج أو الخدمة، خاصة إذا تعلق الأمر بوجهة النظر أن الرضا يسبق الجودة المدركة، وهنا يكون للجودة المدركة تأثير كبير وهام على اتصالات الكلمة المنطوقة على الزبائن، سواء الحاليين أو حتى زبائن المؤسسات المنافسة الأخرى.
-
شكاوى الزبائن:
تعتبر الشكاوى إحدى الوسائل المعبرة عن الاتصالات الرسمية للمؤسسة من طرف الزبائن ومصدر معلومات مجاني ومهم للوقوف على الاختلالات الموجودة في العمل، حيث يتم التعبير عنها عن طريق سلوكيات ومواقف غير مقبولة تجاه شيء أو شخص أو حالة معينة.
وتوجد الكثير من الدراسات التي عالجت علاقة الرضا بشكاوى الزبائن باعتبارها علاقة خطية، ذلك أنها (أي الشكاوی) بالنسبة للزبون وسيلة للتعبير عن شعوره وعدم رضاه عن مقدم الخدمة أو الخدمة المقدمة.
وعادة ما تكون الشكاوى المقدمة من طرف الزبائن متعلقة بخدمة معينة، أو بالإعلام وغيرها، على اعتبار وجود شكوى بأن الزبون سيتخلى عن المؤسسة، كما قد لا يعني عدم وجود رضا لديه وجود شكوى.
وقد تحتاج المؤسسة ولأجل تفادي سخط وعدم رضا زبائنها علها، إلى الاهتمام بالشكاوى أكثر ووضع طرقا لتسييرها بهدف تمكن المؤسسة من تطوير خدماتها وتحسن علاقتها بزبائنها أكثر، وكذا تطوير وتحديث آليات الاتصالات لتصبح أكثر فعالية وكفاءة.
كما قد تتعدى أيضا إلى معرفة انطباعات الزبائن عن المؤسسة ومعرفتهم بها، وإلى توجيه المؤسسة نحو تفادي الوقوع في الأخطاء مستقبلا. وتظهر معالجة المؤسسة الشكاوى زبائنها عبر كيفيات الرد والتعامل معها وسرعة الرد عليها.
كما قد تتعدى إلى التعويض عن الأضرار الملحقة بمصلحة الزبون نتيجة للأحداث الداخلية أو الخارجية، وبالتالي تعتبر مصدر قوي لولاء الزبون، كما قد تعتبر الشكوى فرصة لإعطاء صورة جيدة للمؤسسة عن طريق خلق مناخ جيد لزبون تملؤه الثقة؛ ووسيلة ثمينة لكسب معلومات تمكن المؤسسة من التعرف على الخلل الموجود في العمل.
-
نوايا الزبون في إعادة الشراء والتأثر بتغير الأسعار:
وهنا يجب التفرقة أولا بين المشتري والزبون من ناحية السلوك، فالزبون هو الذي يعتاد الشراء من متجر أو مؤسسة من حين لآخر والذي هو (أي الاعتياد) في علاقة مع الزمن من خلال تبادلات تراكمية قد تتطور إلى علاقة دائمة مع المؤسسة.
أما المشتري فقله صفة عدم الاعتياد أي يكون شراؤه بشكل عابر أو ظرفي مع المؤسسة، وتعتبر الجودة المدركة والرضا من أهم العوامل التي تحدد سلوك الزبون ونيته في الشراء وإعادة الشراء، فيرى كل من Bitner و Zeithaml أن الجودة المدركة لها تأثير قوي على نوايا الزبون في إعادة الشراء والتعامل مع المؤسسة الخدمية.
أما Oliver فيرى أن الرضا له تأثير غير مباشر على نوايا الزبون عبر مواقفه التي تتلو عملية الشراء. وقد ذهب آخرون أمثال .Fornell et al إلى أن الرضا التراكمي يعتبر مصدرا أساسيا للولاء، حيث يتمثل في نية الزبون في إعادة الشراء حتى وإن ارتفعت الأسعار، فإنه يكون هناك تقبل من طرف الزبون نظرًا لوجود مستوى عال من الجودة المدركة والرضا عن المؤسسة.
فالجودة المدركة تعتبر آلية إيجابية لتحديد مدى تقبل الزبون لارتفاع الأسعار شريطة توفر أداء ممتاز للخدمات، ويمكن أن يكون السعر أحد المكونات الداخلة في بناء رضا الزبون وفي التأثير على جودة الخدمة فعادة ماتكون المؤسسة الخدمية المتسمة بارتفاع أسعار خماتها في نظر الزبائن مؤسسة متسمة بالجودة في خدماتها مقارنة بالمؤسسات الأخرى.
وهذه النظرة قد لا تكون كذلك في نظر البعض الآخر منهم، فالشراء لدى الزبائن يكون ضمن تحقيق قيمة مدركة لديهم، هذه القيمة تظهر من خلال الفرق بين الفوائد الإجمالية لديهم وإجمالي التكاليف، فهي تمثل مجموعة المزايا والمنافع التي يتوقعها الزبون من السلعة أو الخدمة؛ أما التكلفة الإجمالية تتعلق بمجموعة التكاليف التي يتحملها الزبون في حيازة واستعمال وتقييم الخدمة.
وعليه، فالقيمة المدركة أو المحددة للزبون تتمثل في حكم شامل مقارن لدى الزبون بین منافع ومزايا المنتج، وبين مجموعة التكاليف المتحملة من طرفه في الحصول على السلعة أو الخدمة، قد تتمثل في: تكلفة الجهد، تكلفة المال، تكلفة الوقت والتكلفة السيكولوجية المتولدة عن ترددات الزبون في استهلاك منتج معين أو تعامله مع مؤسسة معينة.
وبالتالي يكون الهدف الأساسي للمؤسسة فيها إيجاد قيمة في نظر الزبائن والاهتمام بهم أكثر من منافسيها، وما دام أن القيمة المدركة والجودة المدركة بعبران عن أحكام شاملة تأخذ بعين الاعتبار التقييم بين ما قدم لزبون ما وبين ما تم إدراكه فعليا من طرفه.
فالجودة المدركة لها تأثير مباشر إيجابي على القيمة المدركة. كما يرى Oliver أن مفهوم القيمة يعتبر كقياس للرضا، ذلك أن الزبون يقيم الخدمة المقدمة بالنسبة إلى التكلفة (الوقت، الجهد، المشاركة، المال،… إلخ) والتي ينشأ عنها الرضا، فللقيمة المدركة تأثير مباشر وإيجابي على الرضا.
من خلال ما سبق، يمكن استنتاج بعض النقاط في تحليل علاقة جودة الخدمة بالرضا وأثرهما على ولاء الزبائن على النحو التالي:
- عند تحليل العلاقة بين جودة الخدمة المدركة والرضا يجب اعتبار نوعين من المستويات، مستوى تبادلي ومستوی علائقي، كما يتعلق الرضا بالجوانب الشعورية أكثر من الجوانب الإدراكية عبر تجربة معينة، بعكس جودة الخدمة المدركة التي تتعلق بالجوانب الإدراكية أكثر منها جوائب شعورية أو عاطفية.
- تختص الجودة بالمنتج أو الخدمة نفسها في تقييمات الزبائن لها ولا يشترط فيها تجربة استهلاكية مع مورد الخدمة؛ بينما يختص الرضا بالزبون ويتطلب تجربة استهلاكية في التقييم له، فقد ينتج الرضا عن عناصر متعلقة بجودة الخدمة.كما قد يتعدى إلى عناصر أوسع منذلك خصوصا على المستوى التبادلي، والدليل على وجود زبائن راضين عن خدمة أو خدمات معينة لمؤسسة ما؛ بينما قد يكون في نفس الوقت مستاء من خدمات أخرى لنفس المؤسسة.
- عند تحليل العلاقات السببية لجودة الخدمة المدركة لدى الزبائن والرضا، فيجب تحليلهما على مستوى تبادلي قائم على تجربة الزبون مع المؤسسة، مع الأخذ في الحسبان المواقف التي يتخذها الزبون باعتبار العناصر الشخصية (اختلاف حاجات ورغبات الزبائن مثلا)، أو العناصر الظرفية (كالحالة النفسية التي يمر بها الزبون خلال التجربة الاستهلاكية)، أو عناصر تتعلق بالخدمة نفسها.وذلك كله في تقييم الرضا لديه، بينما على المستوى العلائقي والتجارب التراكمية للزبون، فتتعلق بالعناصر السابقة الذكر وتتجه نحو بناء الموقف العام للزبون تجاه المؤسسة ككل وعلامتها أو خدماتها بشكل عام.
- لجودة الخدمة والرضا تأثيرات كبيرة على الولاء وتحديدا أكثر على نوايا الزبون في إعادة الشراء، واتصالات الكلمة المنطوقة، والشكاوى، سواء ترجم ذلك بنية أو التزام أو سلوك الزبون من خلال المشاعر والأحاسيس الجيدة التي تنتابه، والأحاديث والأقاويل الإيجابية عن المؤسسة وخدماتها، وغيرها.ومن المنطقي حينما يتلقى الزبون خدمة ذات جودة عالية ويكون راض عنها، يكون أكثر احتمالية بأن يطلب مرة أخرى منتجات المؤسسة، وبأن يتحدث بإيجابية عنها أمام الآخرين، أو تقل عنه نسب مستويات الاتصالات الرسمية (الشكاوى) عنها.
- ومن جهة أخرى، يتوجب أن لا نعتبر أن العلاقة التأثيرية لجودة الخدمة المدركة والرضا على ولاء الزبائن هي علاقة خطية بحتة عندما يكون التحليل عند مستوى تبادلي، نظرا لدخول عناصر أخرى في التقييم لدى الزبون تتجلى عبر المواقف التي يتخذها أو بالأحرى العناصر الشخصية أو الظرفية أو للخدمة نفسها.بينما تكون هذه العلاقة أكثر تقاربا خطيا عند المستوى العلائقي، نظرا لتقارب الجودة العلائقية مع الرضا العلائقي واتجاههما أكثر نحو بناء الموقف العام الذي يتخذه الزبون تجاه المؤسسة ككل وخدماتها.
بالنهاية من المهم أن نعرف الفرق بين جودة الخدمة التي يدركها العملاء ورضا العملاء الذي يتحقق، فهذا يجعلنا واعين بحقيقة هذا الهدف الكبير (رضا العملاء) ونستطيع الوصول له.
Thank you very much for this information