المحتوى
بلغ السوق العالمي للذكاء الاِصطناعي في قطّاع الرعاية الصحيّة (6) مليارات دولار في عام (2021)، لكنَّ معظم تأثيره الحالي غير واضح للكثير. لذلك فإنّ الخطوة الأولى هي خلق الوعي في توسيع تأثير مبادرات الذكاء الاِصطناعي.
الرعاية الصحيّة قطّاع غني بالبيانات، لذا فإنّ الذكاء الاِصطناعي مناسب لها تماماً. حيث يمكننا تطبيق الذكاء الاِصطناعي على العديد من حلول الرعاية الصحية وتحسين حياة المرضى الذين يعانون من أنواع عديدة من الحالات.
ماذا يعني الذكاء الاصطناعي للرعاية الصحية؟
الذكاء الاِصطناعي في قطّاع الرعاية الصحيّة هو مصطلح واسع. يشير إلى اِستخدام خوارزميّات التعلّم الآلي لتقليد الإدراك البشري لتحليل وفهم وتقديم البيانات الطبيّة المعقّدة.
ماهي حالات استخدام الذكاء الاصطناعي في مجال الرعاية الصحية؟
هناك اِستخدامات عديدة للذكاء الاِصطناعي في مجال الرعاية الصحيّة، نذكر منها:
1- الأتمتة الذكية للرعاية الصحية
يعمل اِستخدام الذكاء الاِصطناعي (AI) وتقنيات الأتمتة مثل تقنية (RPA) على تغيير صناعة الرعاية الصحيّة، من خلال تقليل الاِعتماد على المهام المتكرّرة واليدويّة التي تمنع العاملين في مجال الرعايّة الصحيّة من التركيز على الأنشطة ذات القيمة الأعلى.
وفقاً لـ ماكينزي (McKinsey)، من المرجَّح أن تتمّ أتمتة (33%) من مهام مقدّمي الرعاية الصحيّة. ممَّا قد يقلِّل التكاليف ويحسِّن القدرة على تحمّل تكاليف الرعاية الصحية.
2- تدقيق الوصفات الطبية
يمكن أن تساعد أنظمة تدقيق الذكاء الاِصطناعي في تقليل أخطاء الوصفات الطبية.
3- اكتشاف الأدوية
البحث عن أدوية جديدة بناءً على البيانات السابقة والذكاء الطبي.
4- إدارة الرعاية الصحية
إنشاء اِستراتيجية تسويق مثاليّة للعلامة التجارية الطبيّة بناءً على تصوّر السوق والشريحة المستهدفة. حيث تسجّل بعض أدوات الذكاء الاِصطناعي تيرابايت من البيانات التي تساعد المرضى والأطباء والباحثين على فهم الأسباب الواقعيّة للاضطرابات العصبية وتأثيراتها بشكل أفضل.
5- التسعير والمخاطر
تحديد السعر الأمثل للعلاج والخدمات الأخرى حسب المنافسة وظروف السوق الأخرى. وإعداد المعلومات التنافسيّة للمستشفى.
6- خدمة العملاء والجدولة
إنَّ برامج الدردشة المدعومة بالذكاء الاِصطناعي والخاصَّة بخدمة العملاء، تسمح للمرضى بطرح الأسئلة المتعلقة بدفع الفواتير أو المواعيد أو إعادة تعبئة الأدوية. كما تمكّن من جدولة الخدمة الذاتيّة للمرضى والتعامل مع مهام خدمة العملاء المتكررة.
يمكن أن يسمح هذا لمقدِّمي الرعاية الصحيّة بما يلي:
- زيادة إنتاجية الموظفين من خلال تحريرهم من مهام خدمة العملاء العادية ومساعدتهم في المهام المعقّدة.
- تقليل حالات عدم الحضور من خلال التذكيرات والمتابعات.
- تحسين تجربة المريض من خلال خدمة العملاء في الوقت المناسب وعلى مدار الساعة.
فوائد الذكاء الاصطناعي في الرعاية الصحية
من المتوقع أن يعود اِعتماد الذكاء الاِصطناعي في قطاع الرعاية الصحية بالعديد من الفوائد. فيما يلي بعض الطرق التي اِستفاد بها المجال الطِّبي من الذكاء الاصطناعي:
1- تشخيصات أكثر دقة وكفاءة
يُعدُّ التشخيص الخاطئ مشكلة كبيرة في قطاع الرعاية الصحية. وفقًا لتقرير حديث، يتم تشخيص حوالي (12) مليون شخص في الولايات المتحدة بشكل خاطئ سنوياً، و(44%) منهم مرضى بالسرطان. يساعد الذكاء الاصطناعي في التغلب على هذه المشكلة من خلال تحسين دقة التشخيص وكفاءته.
2- رعاية أفضل للمرضى
أظهرت دراسة حديثة أنَّ (83%) من المرضى يجدون أنَّ التواصل الضعيف هو أسوأ جزء من تجربة المريض. يمكن أن يساعد الذكاء الاِصطناعي في التغلُّب على هذا التحدِّي بالطرق التالية؛
- أتمتة اِتصالات المرضى.
- تكليف الذكاء الاِصطناعي بالمهام الشاقّة، مثل إدارة المواعيد ومشكلات الدفع وما إلى ذلك.
يمكن قضاء الوقت الموفر من هذه المهام في رعاية المرضى، وهو الهدف الرئيسي لأخصائيي الرعاية الصحية.
3- تحسين الإجراءات الجراحية
تمكن الجراحة بمساعدة الروبوت الجراحين من تحقيق دقة أعلى وأمان ومرونة وتحكُّم في الإجراءات الجراحيّة المعقدة.
4- مشاركة أفضل للمعلومات
فائدة أخرى تضاف لتطبيقات الذكاء الاِصطناعي في قطّاع الرعاية الصحية، وهي قدرته على معالجة كمّيات كبيرة من بيانات المرضى.
دور البيانات الكبيرة في استثمار الذكاء الاِصطناعي في القطاع الصحي؟
تُعدّ أهمية البيانات الضخمة أو الكبيرة (Big data) مقنعة بشكل خاص في بيئات العمل المعقّدة، التي تشهد تزايداً في أنواع وأحجام البيانات المتاحة. كمجال الرعاية الصحية والصناعات الدوائية. حيث تشهد نمو البيانات من عدّة مصادر، بما في ذلك عملية البحث والتطوير نفسها وتجار التجزئة والمرضى ومقدّمي الرعاية.
يساعد الاِستخدام الفعالّ لهذه البيانات شركات المستحضرات الطبيّة، على تحديد أفضل الأدوية المرشحة الجديدة وتطويرها إلى أدوية فعالَّة ومعتمدة بسرعة أكبر.
من عوامل الجذب المميّزة لاِعتماد الذكاء الاِصطناعي هي:
- قدرته على إكمال المهام بدقّة وفوريّة والتي كانت تتطلَّب سابقاً ساعات طويلة من التحليل اليدوي للبيانات.
- تبسيط سير العمل وتحديد القيم الشاذة للبيانات وحلها.
- والإجابة عن (60) مليون اِستفسار عن السجلات الصحية الإلكترونية التي تحدث في مستشفى متوسط الحجم.
للقيام بهذه المهمة يدوياً، سيتعيّن على موظّف المستشفى مراجعة أكثر من (6) ملايين سجل صحّي إلكتروني، أي ما يقرب من (300) ألف يومياً.
مستقبل الذكاء الاصطناعي بالرعاية الصحيّة
على الرُّغم من أنَّ نماذج الذكاء الاِصطناعي المتطوّرة ليست جاهزة بعد للنشر على نطاق واسع، بسبب تناقضات البيانات وعيوب البحث ومخاوف حماية الخصوصيّة.
لكن يوفّر الذكاء الاِصطناعي قدرات كبيرة للنهوض بالرعاية الصحيّة، من خلال التشخيص والتنبّؤ بالأعراض المبكِّرة واِكتشاف الأدوية. علاوةً على ذلك، تدعم الأنظمة الحاليّة المستندة إلى (AI) بالفعل مؤسّسات الرعاية الصحيّة في تبسيط سير عملها.
وبالتالي، فإنَّ مستقبل الذكاء الاِصطناعي في الرعاية الصحيّة يبدو واعداً. نتيجةً لذلك، يجب على المحترفين المهتمّين ببدء حياة مهنيّة ناجحة في هذا المجال، مواكبة التطوّرات الحديثة كنقطة اِنطلاق في تطوير المهارات.
أدوات الذكاء الاِصطناعي بالرعاية الصحية
الذكاء الاصطناعي (AI) له الكثير من التطبيقات في حياتنا اليومية، والقطّاع الصّحي ليس اِستثناءً. مع اِستمرار اِكتظاظ المستشفيات بالمرضى، يمكن لأدوات الذكاء الاِصطناعي أن تساعد مقدّمي الرعاية الصحيّة على اِتخاذ قرارات أفضل.
يتمّ اِستخدام هذا النوع من التكنولوجيا على نطاق واسع في المستشفيات والعيادات، لتحسين رعاية المرضى وتقليل الأخطاء الطبيّة. فيما يلي (3) من أدوات الرعاية الصحية الأكثر شيوعاً والتي تعمل بالذكاء الاِصطناعي:
1- Merative
يمكن أن يساعد (Merative)، المعروف سابقاً باِسم (IBM Watson Health)، المهنييّن الطبييّن على اِتخاذ قرارات أفضل وأتمتة المهام اليومية وتمكينهم من القيام بعملهم بإنتاجية أكبر.
إنَّها منصّة تستخدم الذكاء الاِصطناعي في السحابة لتخزين البيانات الطبية، وإدارتها وتحليلها في الوقت الفعلي. بمساعدة هذه التقنية، يمكن للأطباء الوصول إلى سجلات المرضى بشكل أسرع وتشخيص دقيق للمرضى بمستوى أعلى بكثير من الدقة.
يمكن أن يساعد اِستخدام خوارزميات الذكاء الاِصطناعي الأطبّاء، في الوصول إلى البيانات في الوقت الفعلي حول المرضى وتحديد الإجراء الصحيح الذي يجب اَتّخاذه.
2- Enlitic
وهي عبارة عن منصّة اِستخبارات صحيّة، تستخدم الذكاء الاِصطناعي لتحسين دقّة البيانات الصحيّة. تشمل حلولها (Enlitic Curie™)، وهي منصّة مدعومة بالذكاء الاِصطناعي ومصمّمة لتعزيز رعاية المرضى من خلال التشخيص الدقيق لحالاتهم.
تهدف (Enlitic Curie™) إلى جعل الرعاية التي تعتمد على البيانات أكثر سهولة. من خلال تزويد المرضى بإمكانيّة الوصول إلى سجلّهم الطّبي بالكامل في بيئة آمنة عبر الإنترنت. وقد تمَّ بالفعل اِستخدام المنصّة جنباً إلى جنب مع فحوصات الأشعة، ويتم تطوير تقنيّات الذكاء الاِصطناعي لاِستخدامها مع أنواع أخرى من البيانات الطبيّة أيضاً.
يمكن لخوارزميّات الذكاء الاِصطناعي أيضاً اِكتشاف الحالات الشاذّة في السجلّات الصحيّة، وتنبيه المتخصّصين حتى يتمكَّنوا من اِتخاذ الخطوات اللازمة لتحسين ظروف المرضى.
3- Twill
تُحدث هذه الأداة ثورة في الرعاية الصحيّة من خلال دمج الصحة العقلية والبدنية مع الرعاية الرقميّة الأولى. التطبيقات والأدوات العلاجية هي حلول تساعد في سدّ الفجوة بين الحاجة والعلاج. من خلال الاِستراتيجيّات والبرامج المصمّمة بعناية، والتي تتجاوز في تمكين الأفراد للسيطرة على صحتهم ورفاهيتهم، فهي تعيد تعريف كيفية تقديم الرعاية الصحية.
يمكن لـ (Twill) تحديد الأنماط في محادثات الصحّة العقليّة والتعرّف عليها؛ من خلال التعلّم الآلي ومعالجة اللغة الطبيعيّة أو البرمجة اللغويّة العصبيّة.
بالإضافة إلى ذلك، فإنَّه يستفيد من الذكاء الاِصطناعي لتتبُّع تقدُّم المرضى بمرور الوقت، وتقديم صورة أكثر اِكتمالاً للمعلومات الطبيّة للفرد ومسار الصحّة العقليّة.
الخلاصة
بشكل عام، يمكن للذكاء الاِصطناعي تحسين الرعاية الصحيّة بشكل كبير، ممَّا يسمح بقدرات مراقبة وتشخيص أفضل. ويمكن أن يساعد في تقليل تكاليف التشغيل وتوفير الموارد الماليّة في مرافق الرعاية الصحيّة والمؤسّسات الطبيّة.
مع كل هذه التطوّرات، نجد أنَّ قدرة الذكاء الاِصطناعي على تشكيل المستقبل تحمل إمكانات لا حدود لها في القطّاع الصحّي.