التسويق للأطفال: الإيجابيات والمساويء

المفضلة القراءة لاحقاً

يُعدّ التسويق للأطفال موضوعاً مثيراً للجدل ومعقداً للمناقشة، يبدو أنَّ لكل فرد وشركة لديهم رأيهم الخاصّ به.

تواجه الشركات التي لديها منتجات أو خدمات تجذب سوقاً مستهدفاً من الأطفال مجموعة من التساؤلات، مثل:

  • هل من الأخلاقي التسويق للأطفال؟
  • وكيف يمكن التسويق بشكل أخلاقي لمثل هذه الفئة العمرية الشابة؟
  • وأين يتمّ تحديد المعايير المقبولة عند التسويق للمنتجات المناسبة؟

لماذا التسويق للأطفال في المقام الأول؟

 

لماذا التسويق للأطفال في المقام الأول؟

سوق منتجات الأطفال ضخم عربياً وعالميّاً أيضاً. في عام (2015) في الولايات المتحدة وحدها، كان هناك (53.7) مليون طفل تتراوح أعمارهم بين (5-11) عاماً متاحين كعملاء محتملين لهذه الشركات. إذا كان المسوقون يفكِّرون في القيمة المحتملة التي يمكن جنيها من التسويق للأطفال، فمن المنطقي أن يستهدفوا هذه الشريحة الديموغرافية.

كما رأيتم في مقالنا السابق، التسويق للأطفال مهمّ جدّاً، ويساعد علامتك التجارية في تحقيق المزيد من النموّ والمبيعات، ذلك بسبب:

  • قدرة الأطفال الكبيرة في التأثير على أصدقائهم لشراء منتجات مماثلة لتلك التي اِمتكلوها.
  • إذا اِستطعت إسعادهم وجعلهم مستمتعين أثناء تجربتهم علامتك التجاريّة ستكسب إخلاصهم.
  • لديهم قدرة كبيرة على التأثير على آبائهم لاِتخاذ قرار الشراء.
  • يمتلك الأطفال القيمة الأهمّ لعمر العميل من بين كل العملاء الآخرون، وإذا أعجبهم شيء من صغرهم، سيبقون مخلصون له مدى حياتهم.

لكن، يتمتَّع الأطفال اليوم بإمكانية وصول واسعة إلى التكنولوجيا والاِتصالات التسويقية ومن الواضح أنَّ الأطفال يتعلَّمون بشكل متزايد من وسائل الإعلام.

نظراً لضعفهم وقلّة خبرتهم ونقص قدرتهم على التفكير النقدي في المعلومات الواردة في الإعلانات، يجب على المعلنين أن يكونوا حريصين بشكل خاصّ على حماية هؤلاء المستهلكين الشباب من المعلومات الضارة والمضلِّلة والمسيئة.

دعونا نتعرّف كيف؟!

على سبيل المثال:

  • يجب ألَّا يشجع التسويق والإعلان لجيل الشباب الأطفال على الاِنخراط في أنشطة خطرة أو تقويض سلطة والديهم.
  • لذلك، يجب تنظيم الإعلانات من حيث اللغة والصور التي تستخدمها ويجب اِستبعاد جميع الموضوعات التي من المحتمل أن تسبِّب آثاراً سلبيّة على الأطفال من البرامج والإعلانات التي قد يشاهدها الأطفال.
  • يجب أن تكون الاِتصالات التسويقية مسؤولة ومراعية لاِحتياجات الأطفال ومستويات فهمهم.

أهم المباديء التي يجب مراعاتها عند التسويق للأطفال

هناك قواعد يطرحها قانون (ICC) للتسويق والاِتصالات الإعلانية (ICC Marketing Code) طرحته غرفة التجارة الدولية، وهو بمثابة “المعيار الذهبي” للاِتصالات التجارية المسؤولة في جميع أنحاء العالم، مع توفُّر ترجمات في (11) لغة.

يعتمد نهج غرفة التجارة الدولية في التسويق المسؤول للأطفال والمراهقين على خمسة مبادئ أساسية:

  1. أوَّلاً وقبل كل شيء، تدعم غرفة التجارة الدولية مبدأ حرية الاِتصالات التجارية، وتعارض الحظر الشامل للإعلان للأطفال والمراهقين.
  2. ثانياً، يجب عدم الإعلان عن المنتجات غير المناسبة للشراء أو الاِستخدام أو الاِستهلاك من قبل الأطفال أو المراهقين في الولاية القضائية حيث يتمّ توجيه الاِتصالات التسويقية في وسائل الإعلام التي تستهدفهم. يشمل هذا المنتجات المخصَّصة للبالغين فقط، مثل العقاقير التي تستلزم وصفة طبية والكحول أو خدمات المقامرة.
  3. ثالثاً، هناك حاجة إلى عناية خاصّة عند اِستخدام تقنيات إعلانية معيّنة في التسويق للأطفال، الذين ما زالوا يطوِّرون فهمهم للاِتصالات التجارية.
  4. رابعاً، هذا يعني أنَّ احتياطات الخصوصية المضافة قد تكون مناسبة عند جمع المعلومات من الأطفال، وتستحق موافقة الوالدين في بعض الحالات، لكن المراهقين لديهم مجال تطوير الخصوصيّة الخاص بهم.
  5. خامساً، يمكن توسيع المبادئ العامة لقانون غرفة التجارة الدولية من خلال المبادئ التوجيهية والمبادئ الخاصّة بقطاع معين.

تأخذ القواعد في الاِعتبار قلة خبرة الأطفال وسذاجتهم وكذلك القيم الاِجتماعية والثقافية للمجتمع، يجب أن تكون قانونية ولائقة وصادقة وتتعمق أكثر في جانب حماية البيانات والخصوصية المتعلقة على وجه التحديد بالمعلومات الشخصية للأطفال.

ما المشكلة الحقيقية في الإعلانات الموجهة للأطفال

تمييز الهدف من الإعلان

وفقاً لجمعية علم النفس الأمريكية؛ لا يمكن للأطفال الذين تقل أعمارهم عن (7-8) سنوات التمييز بين القصد المقنع للإعلان، وليس من العدل الاِستفادة من ذلك.

هذا يعني أنَّ هؤلاء الأطفال لا يدركون أنَّ الإعلان التجاري أو الإعلان الذي يشاهدونه قد صُنع لبيع شيء ما لهم، ويأخذون محتوى الإعلان في ظاهره، كما أنّهم يصدّقون أنّ المحتوى حقيقي ودقيق وغير متحيِّز.

لم يشكّل التسويق لهذه الفئة العمرية الصغيرة مشكلة كبيرة سابقاً، لكنَّه يتوسَّع باِستمرار مع زيادة التكنولوجيا و”البرمجة الخاصّة بالعمر” (Age-niche programming).

الصور النمطية للجنسين

هناك (40 ألف) قطعة من أميرات ديزني في السوق اليوم. لماذا يُعدّ هذا مشكلة؟

يحاول الأطفال الصغار اِكتشاف هوياتهم الجنسية، ويمكن للرسائل النمطية الجنسية أن تعيق ذلك. يتمّ تسويق هذه المنتجات النمطية للجنسين والتي غالباً ما تكون جنسية للأطفال، ومنتجات أميرة ديزني هي مجرد مثال واحد.

من الشائع رؤية أفلام أكثر عنفاً مثل (Transformers) يتمّ تسويقها خصيصاً للأولاد، ممَّا يدعم الصورة النمطية بأنَّه من المقبول أن يكون الأولاد أكثر عنفاً وهذه ليست مشكلة.

وصول العنف الموجود في وسائل الإعلام إلى الأطفال

 

وصول العنف الموجود في وسائل الإعلام إلى الأطفال

كذلك بالنسبة لوسائل الإعلام المليئة بالعنف غالباً ما يتمّ الإعلان عنها وتسويقها للأطفال.

وفقاً لـ (CCFC )، من المرجَّح أن ينظر الأطفال الذين يشاهدون الكثير من وسائل الإعلام العنيفة إلى العنف كوسيلة فعالة لتسوية النزاعات، وعادةً ما يتم تسويق الألعاب العنيفة، التي غالباً ما تكون مرتبطة بوسائط وأفلام عنيفة مع تصنيفات للأطفال الأكبر سناً، وعادةً ما يتمّ تسويقها بألعاب مصنفة للأطفال الصغار.

هذا يعني أنَّ الأفلام المصنفة (PG-13) قد تحتوي على ألعاب غالباً ما يستخدمها الأطفال الصغار.

العلاقة بين الدعاية الغذائية والسمنة

 

العلاقة بين الدعاية الغذائية والسمنة

يتعرَّض الأطفال يوميّاً لأكثر من ستين رسالة إعلانية، حوالي (50%) منها عن الطعام، تهيمن على هذه الإعلانات المنتجات الغذائية غير الصحية بالكامل تقريباً، وهم ليسوا بالضرورة مستعدين لفهم المخاطر الصحية المرتبطة بسوء التغذية:

  • (34%) للحلوى والوجبات الخفيف.
  • (28%) للحبوب.
  • (10%) للوجبات السريعة.
  • (4%) لمنتجات الألبان.
  • (1%) لعصائر الفاكهة.
  • و(0%) للفواكه أو الخضار!

نادراً ما يتعرض الأطفال لإعلانات الخدمة العامة أو الإعلانات عن الأطعمة الصحية، كما أنَّ التعرُّض لمثل هذه الإعلانات عن الوجبات غير الصحيّة يزيد من الطلب عليها واِستهلاكها. وهذا بالتالي يؤدِّي إلى مشاكل مثل السمنة لدى الأطفال، والتي تتزايد بشكل مخيف، فضلاً عن الأمراض الأخرى المرتبطة بعادات الأكل غير الصحية.

ماذا تفعل الشركات للحد من مخاطر الإعلانات الموجهة للأطفال؟

مع كون الأطفال سوقاً كبيراً للمعلنين، هل يجب عليهم التوقُّف عن الإعلان لهؤلاء العملاء الذين يسهل إقناعهم والذين غالباً ما يكونون مؤثِّرين بشكل لا يُصدَّق؟

صحيح أنَّ الأطفال يمثّلون قيمة كبيرة للشركات، لكن أيضاً كما رأينا هناك أدّلة واضحة أنَّ للإعلانات آثار سلبيّة على الأطفال، هذا يضع الشركات في موقف حيث يتعيَّن عليها أن تقرِّر ما إذا كان من الأخلاقي التسويق للأطفال في الدرجة الأولى، وإذا كان الأمر كذلك، فكيف يمكنهم القيام بذلك بأكثر الطرق الأخلاقية الممكنة؟

إليك بعض الممارسات التي تقوم بها الشركات:

  • قرَّرت بعض الشركات التي تقدِّم أطعمة غير صحيّة عدم الإعلان للأطفال دون سن (12) عاماً بسبب اِرتباط هذه الإعلانات بسمنة الأطفال.
  • توجد لوائح حالية لحماية الأطفال من الإعلانات واِستخراج البيانات التي تستخدمها الشركات من أجل تسويق أفضل.
  • يمنح قانون حماية خصوصية الأطفال عبر الإنترنت (COPPA) الصادر عن لجنة التجارة الفيدرالية للآباء إمكانية التحكُّم في المعلومات التي يمكن أن تجمعها مواقع الويب من أطفالهم. لذلك، إذا كانت إحدى الشركات تدير موقع ويب مصمماً للأطفال أو تعرف شخصاً يستخدم الموقع وعمره أقلّ من (13) عاماً، يجب أن يلتزم بإرشادات قانون حماية خصوصية الأطفال عبر الإنترنت (COPPA).
  • تنظِّم (FTC) أيضاً قوانين الإعلانات الحقيقية (Truth-in-advertising) التي تتطلَّب من المعلنين أن يكونوا صادقين في إعلاناتهم من وجهة نظر المستهلك المعقول.
  • اِشتهرت الجمعية الأمريكية لعلم النفس أيضاً بدعمها لوائح أكثر صرامة بشأن الإعلانات الموجهة للأطفال. بالإضافة إلى ذلك، دعت الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال ومنظمة الصحة العالمية ومعاهد الطب إلى فرض قيود على التسويق للأطفال.

الخلاصة 

الأطفال أهداف سهلة للشركات، لكن هذا لا يعني أنَّ الشركات يجب أن تستفيد من سذاجتهم.

هناك الكثير من الآثار السلبية المترتبة عن التسويق الموجّه إلى الأطفال حتّى أنّها تفوق الإيجابيات.

لذلك يجب تفعليل لوائح صارمة للشركات التي تعلن للأطفال، وأيضاً يجب على الشركات نفسها القيام بعمل أفضل في التنظيم الذاتي وأن تكون على دراية بتأثير إعلاناتها على الأطفال، وخاصًّة المنتجات الغذائية غير الصحية.

فعندما لا يستطيع المستهلك تمييز سبب الإعلان، وإذا ما كان الهدف منه فقط بيع المنتج، فإنَّ التوجُّه في الإعلانات إليهم يُعدّ من التصّرفات غير المسؤولة.

 

 




أضف تعليقاً:

يجب عليك لإضافة تعليق

    الأعضاء الذين قرأوا المقال

    ×

    Rema Hasan

    الرتبة: مشترك النقاط: 125

    Mimi Ta

    الرتبة: مشترك النقاط: 200

    Boushra Arab

    الرتبة: أعضاء تواصل النقاط: 7591

    قطار الحكايات

    الرتبة: أعضاء تواصل النقاط: 6282

    Al Fatih Abd Allah

    الرتبة: أعضاء تواصل النقاط: 14560

    khaled Hammadi

    الرتبة: أعضاء تواصل النقاط: 10215

    Mansour Nasser

    الرتبة: مشترك النقاط: 75

    Taimoor Al Balushi

    الرتبة: أعضاء تواصل النقاط: 6306

    فنجان الحب finjan alhob

    الرتبة: أعضاء تواصل النقاط: 11235

    Ahmed Marouf

    الرتبة: أعضاء تواصل النقاط: 3295
    بالاضافة إلى 986 شخص آخر