المحتوى
يمكن لممثلي خدمة العملاء تحسين وتوسيع نطاق جهود خدمة العملاء باِستخدام الذكاء الاصطناعي.
في هذا المقال، سنتعرّف على تطبيقات الذكاء الاِصطناعي في خدمة العملاء، وعمليَّات التعلم العميق وتعلُّم الآلة، وأمثلة على العلامات التجاريَّة التي تستخدم التكنولوجيا لتحسين تجربة العملاء.
الذكاء الاِصطناعي في خدمة العملاء
أصبح الذكاء الاصطناعي جزءاً بارزاً من عمليَّات خدمة العملاء. أثبتت العمليَّات مثل التعلُّم الآلي ومعالجة اللغة الطبيعية والتَّعرف على الكلام أنّها أصول في خدمة العملاء، ممَّا يتيح تجارب عملاء سلسة ويقلل الضغط عن مندوبي دعم العملاء.
مع مرور الوقت، سيصبح الذكاء الاصطناعي أكثر انتشاراً في سياق خدمة العملاء الرقميَّة. أصبحت هذه الأنواع من الموارد موجودة في كلّ مكان في أي جانب من جوانب الأعمال التجاريَّة التي تعتمد على التكنولوجيا الحديثة، وخدمة العملاء ليست اِستثناء.
هناك مجموعات فرعية مختلفة من الذكاء الاصطناعيّ، وسنناقشها أدناه.
ما هو تعلُّم الآلة (Machine Learning)؟
يُطّبق تعلُّم الآلة، الذكاء الاِصطناعي والخوارزميَّات، التي تفرز مجموعات البيانات، وتتعلَّم من البيانات لعمل تنبؤات. تتحسَّن الخوارزميَّات في المهام ذات الخبرة، ولكنها تحتاج عادةً إلى مدخلات بشرية أوليَّة لبدء الفرز عبر البيانات.
ما هو التعلُّم العميق (Deep Learning)؟
التعلُّم العميق هو عملية تستخدم خوارزميات تسمَّى الشبكات العصبونيّة (Neural Network)، التي تحاكي الدماغ البشري، للتعلم من البيانات واِتّخاذ قرارات وتنبؤات مستنيرة.
تعتمد الشبكات العصبونيّة على كميَّة كبيرة من البيانات لبدء التعلّم، وتختلف عن تعلُّم الآلة، بأنّها لا تعتمد على المدخلات البشريَّة لبدء عمليّة التعلُّم.
ما هي الشبكة العصبونيّة؟
قُلنا للتوّ، يعتمد التعلُّم العميق على الشبكات العصبونيّة.
في الدماغ البشري، هذه الشبكات عبارة عن خلايا عصبية مترابطة، تُعالج المدخلات وتتعلّم منها ويمكنها اِتِّخاذ قرارات بناءً على مئات الاِتصالات العصبيَّة.
أمّا في أجهزة الكمبيوتر، تحاكي الشبكات العصبونيّة الروابط بين الخلايا العصبيَّة في دماغ الإنسان وتتعلَّم من مئات من نقاط البيانات المختلفة لبدء إجراء الاِتصالات واِتِّخاذ القرارات بناءً على ما تعلّموه.
أحياناً يمكن التبديل في اِستخدام كلّ من التعلُّم العميق وتعلُّم الآلة، ولكن هناك اِختلافات جوهريَّة بين كل نموذج منهما.
الفرق بين التعلُّم العميق وتعلُّم الآلة
التعلُّم العميق هو شكل من أشكال تعلُّم الآلة، لكنَّهما عمليّتان مُختلفتان.
- غالباً ما يبدأ تعلُّم الآلة بإدخالٍ بشريّ يُساعد الخوارزميَّات على تعلُّم التمييز بين نقاط البيانات. مع مرور الوقت، تصبح الآلة أكثر خبرة في تحديد الاِختلافات دون تدخلٍ بشريّ.
- بينما لا يحتاج التعلُّم العميق إلى مدخلات بشريّة ويتعلَّم من البيانات بمفرده، وهذا هو السبب في أنَّه يتطلب المزيد من البيانات لبدء التعلُّم والمعالجة ويستغرق وقتاً أطول من تعلُّم الآلة.
تعتبر معالجة الصور طريقة رائعة لفهم الفرق بين التعلُّم العميق وتعلُّم الآلة.
لنفترض أنَّك ترغب في تعليم آلة ما، الفرق بين أربعة حيوانات مختلفة، حتّى تتمكَّن تلك الآلة من تعلُّم التمييز بمفردها.
باِستخدام تعلُّم الآلة، ستحتاج إلى تعليم الكمبيوتر السمات المميّزة التي تُميّز كل حيوان. ثمَّ يستخدم الكمبيوتر تلك المدخلات البشريَّة لبدء تعلُّم الفرق، ويصبح أفضل في التعرُّف على كل حيوان بمرور الوقت.
بينما في التعلُّم العميق، لا يحتاج الكمبيوتر إلى الاِطلاع على السمات المميَّزة، حيث يمكنه فرز نقاط البيانات المختلفة، ومعرفة الاِختلافات من تلقاء نفسه. ومع ذلك، قد تتطلب الآلة نقاط بيانات أكثر بكثير لبدء فهم الاِختلافات.
حقيقةً، يُعتَبر اِستيعاب هذه المفاهيم تحديّاً إلى حدٍّ ما، لا سيّما عندما يتعلَّق الأمر بتطبيقها على فِرَق خدمة العملاء، خاصَّة وأنَّ فهمك لها يعني أن تعي الفرق بين جهود خدمة العملاء، التي تواكب التحوّل الرقمي، أو تلك التي تصبح قديمة وغير كافية.
سنتعرّف الآن، كيف تعمل عمليات التعلُّم العميق وتعلُّم الآلة على تغيير طبيعة خدمة العملاء.
كيف يغيّر الذكاء الاصطناعي خدمة العملاء
التعرُّف على الكلام
يَنتج في الغالب، عن عمليَّات خدمة العملاء الخاصّة بك، الكثير من البيانات:
- مكالمات صوتيّة.
- نسخ نصيّة لتلك المكالمات.
- محادثات نصيَّة.
- محادثات مباشرة.
ترى دراسة حديثة أجرتها شركة (McKinsey) أنَّ هذه البيانات مادة غنيَّة يجب على أنظمة الذكاء الاِصطناعي معالجتها.
وإذا تمّت معالجتها بشكل صحيح، يُمكن أن ينتج عن ذلك بعض نتائج خدمة العملاء المربحة التي تدعمها الآلة.
تقول الدراسة؛
“يتيح التعرُّف المحسَّن على الكلام في إدارة مركز الاِتصال، وتوجيه المكالمات من خلال تطبيق تقنيَّات الذكاء الاِصطناعي، تجربة أكثر سلاسة للعملاء، ومعالجة أكثر كفاءة.”
ولا يتوقَّف الأمر عند هذا الحدّ. بل تزداد عمليَّات خدمة العملاء تعقيداً، باِستخدام الذكاء الاِصطناعيّ الذي يسمّى التعلُّم العميق.
“على سبيل المثال، تحليل التعلُّم العميق للصوت يسمح للأنظمة بـ تقييم النغمة العاطفية للعملاء؛ إذا كان العميل يستجيب بشكل سلبي لنظام آلي، فيمكن إعادة توجيه المكالمة إلى المشغِّلين والمديرين.”
التخصيص
التعرُّف على المشاعر وإضفاء الطابع الشخصي هو أحد الأمور التي يمكن أن يساعد فيها الذكاء الاِصطناعي. بهذه الطريقة، يدفع الذكاء الاِصطناعي حدود خدمة العملاء. لا يتعلّق الأمر فقط برضا العملاء بعد البيع، على الرُغم من أهميّة هذا الأمر، لكن يتعلَّق الأمر أيضاً بإنشاء تجارب وعروض مذهلة، بشكل دائم ومستمرّ.
- يتمّ بعد ذلك تخصيص هذه التجارب والعروض بدرجة عالية، باِستخدام قوّة الذكاء الاصطناعي.
كلَّما كان العرض أكثر تخصيصاً، زادت فرصة خروج العميل مسروراً، وبالتالي زادت فرصة علامتك التجاريَّة في تحقيق المزيد من عمليّات البيع. وهذا يعني أنَّ الذكاء الاِصطناعي يمكنه تحويل عملية المبيعات الفعليَّة إلى أداة قيِّمة لخدمة العملاء من خلال منح المستهلكين المزيد من الفرص لإنفاق الأموال على ما يحبونه بالفعل. - من ناحية أخرى، يمكن للذكاء الاِصطناعي أن يجعل عمليَّات خدمة العملاء الحاليَّة أفضل وأسرع وأكثر فاعليَّة على نطاق واسع.
- كما يمكنه تخصيص المحتوى التسويقي الخاصّ بك بشكل جيّد يُسعد العملاء. نتيجة لذلك، يصبح المحتوى وسيلة لتزويد المستهلكين بأفضل عرض لهم في أفضل وقت.
وضع العلامات على التذاكر بشكلٍ تلقائيّ
يُمكن أن يكون الذكاء الاِصطناعي أيضاً أحد ركائز البنية التحتيّة الداخليّة لخدمة العملاء.
على سبيل المثال، إذا كان عملك يستخدم نظاماً للتذاكر، فمن المحتمل أن يكون قسم خدمة العملاء لديك منهمكاً في حجم هائل من الاِستفسارات كُلّ يوم. حيث يتوجّب عليه قراءة هذه التذاكر وتحليلها وتمييزها وتوجيهها في النهاية إلى الفريق المناسب.
بدون الذكاء الاِصطناعيّ، تكون هذه العمليَّة مملِّة وتستغرق وقتاً طويلاً. كذلك تتطلّب الكثير من الجهود والموارد.
لكن أدوات الذكاء الاصطناعي، وتحديداً أدوات تحليل النص، تزيل التوتر والجهد الشخصيّ والرتابة من هذه العمليَّة. فتجعلها أكثر ديناميكيّة، وتساعد في إنجازها بسرعة أكبر بكثير. حيث تُمكِّن هذه الأدوات من تحليل النصّ من بطاقات الدعم ووضع علامات عليها تلقائيَّاً، ممَّا يُقلِّل وقت العمليَّة التي تستغرق ساعات إلى ثوانٍ.
روبوتات المحادثة
تُمثّل وسيلة أخرى من وسائل الذكاء الاِصطناعي، التي اِستفادت منها أقسام خدمة العملاء لتحسين تجارب العملاء.
حيث تضع الشركات هذه الروبوتات على صفحات الويب الخاصّة بها، لمعالجة اِستفسارات دعم العملاء الأساسيّة في أيّ وقت من اليوم. وهي تؤدِّي إلى المزيد من الكفاءة وإمكانيّة الوصول التي ترضي عملاءك.
تستفيد روبوتات الدردشة من الذكاء الاِصطناعي وتعلُّم الآلة لفهم الأساسيَّات الكامنة وراء منتج أو خدمة الشركة. وبالتالي، تصبح قادرة على الإجابة عن الأسئلة الشَّائعة التي يطرحها العملاء حتّى خارج أوقات الدوام.
تقدِّم هذه الروبوتات فائدة للطرفين، فهي تسهِّل على العملاء معالجة اِستفساراتهم في أيّ وقت يحتاجون إليها. وكذلك لا يُثقَل المندوبون بالأسئلة المستمِّرة والرتيبة والبسيطة، وهذا يمنحهم المزيد من الوقت لمعالجة القضايا الأكثر إلحاحاً وأهميّة.
المساعدين الرقميين
يقول (Duane Forrester) خبير البحث الصوتي من (Yext)؛
“الوكيل الرقمي سيكون لحظة تغيير قواعد اللعبة في حياة العميل، وكل شركة تعرف أنّ لديها فرصة صغيرة للحصول عليها، وفرصة كبيرة لتفويت العلامة ودفع المستهلكين بعيداً عن نظامهم الأساسي. وهذا يعني عند تقديم هذه المنتجات ستكون أكثر تقدُّماً بكثير من المساعدين الرقميين الذين نعيش معهم الآن”.
يُقدِّم مساعدو الذكاء الاِصطناعي وأدوات الخدمة فرصاً هائلة للحصول على خدمة العملاء بالشكل الصحيح. لكن إذا ارتكبت أخطاء، فأنت تدفع المستهلكين إلى أحضان العلامات التجارية المنافسة.هذا يحدث لأنَّ تفضيلات المستهلك تتغير.
لنستعرض بعض الأمثلة حول كيفيّة اِستخدام تعلُّم الآلة والتعلُّم العميق والذّكاء الاِصطناعي من قبل الشركات لتكملة ممارسات خدمة العملاء.
كيف تستخدم العلامات التجاريّة تعلُّم الآلة في خدمة العملاء
- أمازون
تستخدم أمازون تعلُّم الألة لمنح العملاء تجربة شخصيَّة. حيث تتعلَّم خوارزميتها من سجلّ تصفُّح العملاء والطلبات السابقة للتوصية بالمنتجات التي من المحتمل أن يستمتعوا بها، ممَّا يساهم في تجربة ممتعة حيث يشعر العميل كما لو أنَّ العلامة التجاريَّة تعرف من هم وماذا يريدون وكيف تساعدهم بالضبط.
- Walgreens
يستخدم (Walgreens) مُساعداً اِفتراضيّاً للتعلُّم العميق لمساعدة العملاء الذين يجرون مكالمات إلى المتجر. عند الاتصال بالرقم، يلتقط المساعد الصوتي المكالمة، ويقوم مقدِّمو الخدمة بطلب قائمة الإجراءات التي يتخذها العملاء غالباً عند الاِتصال بالمتجر.
يبدأ عادةً بسؤال “كيف يمكنني مساعدتك اليوم؟” وبناءً على اِستجابات العملاء، يمكن للمساعد الاِفتراضي الردّ بحلول مناسبة على اِستفسارات العملاء.
على سبيل المثال، إذا قلت “صيدليَّة”، فستتمّ الاِستجابة بالخيارات المتعلِّقة باِحتياجات الصيدلة، مثل توصيلك مع صيدليّ أو الحصول على ساعات عمل الصيدلية.
الخلاصة
يقوم المستهلكون بإجراء المزيد من عمليات البحث والقرارات والشراء أثناء التنقُّل. تولِّد المراجعات عبر الإنترنت الكثير من البيانات التي يمكن أن تخبرنا كثيراً عن العملاء إذا كان لدينا الوقت والقدرة على تحليل هذه المراجعات.
يساعدنا الذكاء الاصطناعي في عالم البيانات اللا محدودة تقريباً، في الاستفادة من تلك البيانات لتحسين عمليَّات خدمة العملاء الحاليَّة لدينا. ولكن يتمّ اِعتماد الذّكاء الاِصطناعي أيضاً لمساعدة العلامات التجاريَّة على التكيُّف مع مشهد خدمة العملاء المتغيِّر جذرياً، حيث يتوقَّع الجميع اِهتماماً فرديّاً، على نطاق واسع. اليوم، لم تعُد خدمة العملاء الفعالّة مهمّة يمكن للبشر القيام بها بمفردهم.