المحتوى
ينمو الواقع المعزز (Augmented reality.AR) بسرعة. وخلُصَت التوقعات من قِبل (ARtillry) إلى أنّ عائدات الواقع المعزز ستصل إلى مبلغ مذهل يبلغ ١٤ مليار دولار في عام ٢٠٢١، مقارنة بـ ٩٧٥ مليون دولار في عام ٢٠١٦. أحد أسباب هذا النمو هو أن العلامات التجارية بدأت في رؤية فوائد الواقع المعزز كنسق إعلانيٍّ غامر.
تمتد قيمة الواقع المعزز إلى أبعد من التسلية، إذ أنه يخلق طرقاً جديدة ومبتكرة للعلامات التجارية للتواصل مع المستهلكين. يقدم الواقع المعزز شكل إعلان جذاب على نحوٍ خاص؛ إذ تعد الإيماءات مثل التمرير السريع والنقر والتدوير أمراً طبيعياً في بيئة الهاتف المحمول وتسمح للمستهلكين باِستكشاف المنتجات التي يتم عرضها في الإعلان.
ومع توقّع أن يصبح (٧٠٪) من سكان العالم من مستخدمي الهواتف المحمولة بحلول عام ٢٠٢٠ فإن الطلب على المحتوى الإبداعي على الهاتف المحمول سيرتفع. ومن خلال دمج الواقع المعزز في اِستراتيجيات وسائل الإعلام التي تنجح دائماً، يستطيع المسوّقون والمعلنون الوصول إلى المستهلكين على الأجهزة التي يمتلكونها بالفعل وبناء الروابط العاطفية من خلال تجارب جوّال أكثر جاذبية. في ما يلي نظرة عن قرب على كيفية بدء المسوّقين في الاِستفادة من الواقع المعزز الآن …
التجسيد المرئي المنزلي
من المزايا الرئيسة للواقع المعزز هي قدرته على تعزيز البيئة الحالية، بدلاً من تصنيع واحدة جديدة تماماً. الواقع المعزز يتيح للمستهلكين تصوّر عرض مختلف لمساحتهم الحالية. بالنسبة للمسوّقين، يعد هذا أمراً مهماً على وجه الخصوص عندما يفكر المستهلكون في عمليات شراء باهظة الثمن أو يعملون في مساحات فارغة، مثل فترات الزخرفة الداخلية أو التجديد أو التصميم.
ووفق دراسة أجرتها شركة (DigitalBridge) للأبحاث التسويقية، فإن ثُلث المستهلكين سيُجْرُون على الأرجح عملية شراء فوري لبندٍ غالي الثمن – مثل الأثاث – إذا تمكنوا من الحصول أولاً على تصوّر مرئي له باِستخدام تقنيات الواقع المعزز. يمكن للمسوّقين اِستخدام هذه الطريقة لتقليل وقت التحويل لهذا النوع من البيع لمدة تصل إلى ستة أشهر.
وقد طَوّرت شركات مثل IKEA، و Pottery Barn، و Zillow، و Wayfair بالفعل تطبيقات هاتف محمول مسجلة الملكية، حيث يحمل المستهلكون هواتفهم عبر غرف المعيشة والمطابخ لمشاهدة تصوير مرئي اِستكشافي لقطعة أثاث في تلك الغرفة.
وقد أطلقت (Pottery Barn) مؤخراً حملة إعلانات قائمة على الواقع المعزَّز، حيث يمكن للمستهلكين رؤية تشكيلات وألوان وأحجام مختلفة من المصابيح المكتبية وأجهزة التحكم والأرائك وغيرها في منازلهم. تتيح هذه التجربة لهم تصوّر كيف تُكمل هذه المفروشات بيئتهم قبل الانتقال إلى تصفح الموقع الإلكتروني لـ Pottery Barn أو زيارة المتجر. كانت حملة الواقع المعزز ذات صدى لدى المستهلكين، حيث كان متوسط الوقت الذي يقضيه المستهلك هو ٢.٤ دقيقة.
إلهام صناعة الملبوسات ومستحضرات التجميل
لا يمثل التصميم الداخلي وتحسين المنزل فئات التجزئة الوحيدة التي تستفيد من الواقع المعزز، إذ كان تجار التجزئة في مجال الملابس ومستحضرات التجميل من أصحاب السّبق في هذا المجال، حيث أدركوا إمكانياته في التسويق ودعم العملاء.
دمجت شركات مثل (Macy’s) الواقع المعزز في تجربة المتجر لزيادة حجم السلة. ورأى آخرون تفاعل المستهلكين مع إعلاناتهم الجديدة القائمة على الواقع المعزز لمدة تزيد عن دقيقتين. قارن هذا الرقم بوقت المشاركة القياسي الذي يبلغ ١٣.١٤ ثانية.
لقد أثبت الواقع المعزز فعاليته على نحوٍ خاص في قطاعات البيع بالتجزئة؛ حيث يكون المستهلكون إما مترددين في تحويل ولاءاتهم التجارية، أو في تأهّبهم للدخول في تجربة مكلفة أو غير مألوفة. وجدت دراسة من (Interactions) التي أجرت مسحاً للأمريكيين الذين تتراوح أعمارهم بين ١٨ و ٦٤ عاماً، أن (٢٥٪) منهم يرغبون في شراء مستحضرات التجميل عن طريق الواقع المعزز؛ (٣٥٪) سوف يتسوّقون للأحذية باِستخدام الواقع المعزز؛ و (٥٥٪) يودون اِستخدام الواقع المعزز لمساعدتهم في التسوق لشراء الملابس. ولا يزال العديد من المستهلكين يعتمدون على توصيات شفهية من شبكات موثوقة أو أخذ عينات لتجربة شيء جديد في هذه الفئات.
يمكن أن يكون الواقع المعزز هو مستقبل تجريب الملابس، أو تسريحة الشعر الجديدة أو لوحة ألوان مساحيق التجميل الجديدة. يتيح تطبيق (Sampler) للهواتف المحمولة، من (Converse)، بالفعل للأشخاص رؤية ما ستبدو عليه الأحذية على أقدامهم، في حين يتيح تغيير الملابس الافتراضي من (Uniqlo) الإمكانات نفسها في سياق المتجر.
أصبح الواقع المعزز بسرعة الأداة المهيمنة لشركات مثل (Sephora) و (L’Oréal)، والتي تتيح للمستخدمين اختبار العديد من المنتجات سواء في المنزل أو في المتجر. وعندما يصبح الواقع المعزز أكثر تطوراً، ستقل الحواجز أمام شراء سلع معينة – مستحضرات التجميل والملابس والمزيد – عبر الإنترنت. كما سيقلل أيضاً من العوائد، وهي اِستنزاف لوجستي ومالي متسق لتجار التجزئة.
في نهاية المطاف، يوفر الواقع المعزز تجربة معززة تزيد من تواصل العلامة التجارية، ويحقق مستوى من الفائدة التي يتوقعها مستخدمو الهاتف المحمول الآن. في الواقع، ما يقرب من ثلاثة أرباع المستهلكين بالفعل يتوقعون أن يقدم تجار التجزئة تجربة الواقع المعزز على الهاتف المحمول.
اختراق الضوضاء
نظرًا لأن الجمهور يتطلب مزيداً من التفاعل واتصالاً أكبر بالعلامات التجارية، يحتاج المسوّقون إلى طرق جديدة لإختراق ضوضاء الإعلانات التقليدية. الواقع المعزز أداة قوية للقيام بذلك. من المحتمل أن تكون حملات الواقع المعزَّز ذات معدلات مشاركة أعلى من الأشكال الرقمية التقليدية، مع وجود بعض العلامات التجارية، مثل (Home Depot)، التي تشهد وقتَ تفاعل طويلاً يزيد عن دقيقتين. وفي الوقت الذي يعد فيه السرد القصصي المحسّن أمراً يسيراً على العديد من العلامات التجارية، فإن العثور على فائدة جديدة للمستهلكين سيؤدي إلى كسر الشفرة بشأن زيادة المشاركة في الحملات. نعتقد أن التقدم سيحدث في خطوات تدريجية.
أولاً، ستحفّز المزيد من التجارب التي تقوم بها الجهات الفاعلة في المحتوى والتكنولوجيا على تطوير تجارب وطرق جديدة لتوزيع المحتوى. على صعيد العلامة التجارية، سوف تستثمر المزيد من الشركات الاِستهلاكية في البرامج التجريبية، وسوف تبني النتائج الثقة وتقلّل مخاطر المشاريع المستقبلية. سيجد هؤلاء المطوّرون والعلامات التجارية درجات متفاوتة من النجاح حتى تظهر بعض المقومات لمنصة قياسية ونماذج إضفاء الطابع النقدي. وبمجرد أن تصبح هذه المنصات شائعة، ستتنافس العلامات التجارية في بناء أكثر التجارب ذات الصلة بالسياق التي لا تُنسى للمستخدمين.
ثانياً، ستتطلب التجربة السلسة للمستهلك المطلوبة للتجارب التي تعتمد على الواقع المعزز زيادة كبيرة في البيانات ذات النطاق العريض. تعمل تنسيقات الإعلانات التي تستخدم فيها تقنيات مثل الواقع المعزز والواقع الافتراضي على توسيع آفاق إمكانية الاتصال، وقد توفر تقنية الجيل الخامس 5G الحل. سيكون الأمر بمثابة نعمة للواقع المعزز، وسيترتب عليها السرعة والحد من الكُمُون (الزمن الذي تستغرقه عمليات الاتصال). هذا أمر بالغ الأهمية لتحقيق أهداف المعلن وإتاحة تجربة أفضل للمستهلك. يمكن أن يؤدي الانتشار الواسع لـ 5G إلى زيادة سرعات الاتصال حتى ١٠ أضعاف، مع تقليل الزمن الذي تستغرقه عمليات الاتصال بمقدار ٥ أضعاف. سوف تبدو تجارب الواقع المعززة أكثر وضوحاً ودقة على الهواتف الذكية.
إنها مسألة وقت فقط قبل أن تصبح تطبيقات الواقع المعزز متوفرة في كل مكان. والشركات التي ستكون في أفضل وضعية تمكّنها من ركوب موجة الواقع المعزز المقبلة هي تلك التي على استعداد لتجريبها الآن.