المحتوى
الاِتجاهات لها تأثير كبير على تسويق الأعمال ووصولها للجمهور المستهدف:
- هل يستغل عملك الاِتجاهات أم أنَّها تستغل عملك؟
- ما هي أحدث صيحات الموضة أو الاِتجاهات التي تبنَّاها عملك؟
- لماذا قرَّر فريق الإدارة الخاصّ بك الاِنخراط في هذا الاِتجاه؟
- هل أدَّى الاِتجاه أو الموضة إلى زيادة في إيراداتك أو مكاسب في كفاءاتك أو إنتاجيتك؟
في منشورنا اليوم، سنتفحَّص معاً تأثير اِتّباع الاِتجاهات على نشاطك التجاري توسيقيّاً وكذلك كيف تعرف أنَّ هذا الاِتجاه مناسب لعملك، أم أنّه مجرد حالة مؤقتة وستنتهي، فلا داعي للخوض فيه.
المهمّ أن تدع في اِعتبارك أنَّ الاِتجاهات والموضة لا تشكِّل بالضرورة اِبتكاراً.
في الواقع، غالباً ما تكون المنظمات التي تُظهِر “عقلية القطيع” عند التسرُّع في تبنِّي أحدث الاِتجاهات هي أبعد ما تكون عن الاِبتكار؛ بالنتيجة سيُدخِلون أنفسهم في سلسلة طويلة من المغامرات التي غالباً ما ستنتهي بالإحباط بسبب الوقت الضائع وتبديد الاِستثمار.
لذلك عليك ألَّا تدع عملك ينشغل بالاِتجاهات والبدع، من دون إجراء بعض التحليلات الأوليّة لتحديد اِحتمالية النجاح، فالمبادرات الفاشلة مكلفة على عدة مستويات.
كيف تستثمر شركتك التريندات لتحقيق قيمة مضافة
لكي تحوِّل مؤسستك اِتجاهاً أو موضة إلى حدث لتحقيق الدخل و / أو خلق القيمة، يجب عليك تطوير خطة اِستراتيجية تحاول قياس الفكرة مقابل العناصر التالية:
- يجب أن يتماشى الاِتجاه أو الموضة مع الرؤية العامّة للمؤسسة ومع رسالتها أيضاً.
- إذا لم توفِّر المبادرة ميزة تنافسية فريدة، فمن المفترض على الأقلّ أن تقرِّبك من ساحة المنافسة وتجعل فرصك متكافئة مع منافسيك.
- يُفضَّل أن يضيف أي مشروع جديد قيمة إلى المبادرات الحالية، وإذا لم يكن الأمر كذلك، فيجب أن يُظهر عائداً كبيراً بما يكفي على الاِستثمار لتبرير سبب إعطائه أولويّة وتبديل الأمور الرئيسية التي كانت موجودة قبله.
- قُم بدراسة شاملة للفكر، قُم بتحليل المخاطر/ العوائد والتكلفة / الفوائد.
- سواء كانت المبادرة الجديدة مخصصة لمؤسستك أو البائعين أو الموردين أو الشركاء أو العملاء، يجب أن تكون سهلة الاِستخدام. تؤدِّي قابلية الاِستخدام إلى التبني، بالتالي فهي مفيدة للحفاظ على بساطة الأشياء.
- ضع في بالك؛ لا يكفي كون الفكرة تبدو جيّدة، يجب أن تحاول التحقُّق من صحة إثبات المفهوم بناءً على بحث مفصَّل وموثوق.
- كن أكيداً أنَّ لا شيء يخلو من المخاطر؛ لذا عندما تعتقد أنَّ شيئاً ما خالي من المخاطرة، فعلى الأرجح أن ينتهي بك الأمر في ورطة.
- يجب أن يكون أي اِتجاه يتمّ اِعتماده قابلاً للقياس. يجب دمج المخرجات والمعايير والمواعيد النهائية ومقاييس النجاح في الخطة.
- يجب أن تكون مفصَّلة وقابلة للتسليم وفقاً لجدول زمني. يجب أن يكون للمبادرة بداية ووسط ونهاية.
- يجب أن تحتوي على خارطة واضحة لتطويرها بما يتماشى مع المبادرات الاِستراتيجية الأخرى للشركة ومهمّة الشركة الشاملة.
- لا يمكن للمبادرة الناجحة أن تبقى في حالة التخطيط الاِستراتيجي؛ يجب أن تتأكّد من كونها قابلة للتنفيذ ضمن مواردك وإمكانيّاتك.
عملية من أربع خطوات لمعالجة الاتجاهات
للاِستفادة من الاِتجاهات، تحتاج بشكل أساسي إلى الجرأة والخيال.
عندما تسمع بمبادرة جديدة، قد تخاف من الاِنخراط بها، هذا يقودك إلى التأخُّر في اِتخاذ القرار، ممّا يسهِّل الطريق أمام منافسيك؛ بالطبع لا يخفى على أحد أنَّ اِتخاذ زمام المباردة منذ البداية وكونك سبّاقاً يحسِّن كثيراً من فرصك في النجاح وتحقيق نتائج أفضل.
كذلك عليك أن تكون مبتكراً، ولديك من الإبداع والحنكة ما يميّزك في طرحك عن غيرك من المنافسين ويخلق لك أسلوبك الفريد وميّزتك التنافسية.
لكن كما ذكرنا أعلاه، إنَّ مجرَّد الاِنجراف وراء التيار من دون تخطيط وتكتيك مناسب لأهداف شركتك يقودك إلى اِستنزاف طاقتك ومواردك بما لا قيمة منه. لذا إليك ما يمكنك القيام به:
1- قم بتحديد الاتجاهات
عليك أوّلاً أن تبدأ في تحديد الاِتجاهات، لا سيّما الاِتجاهات التي تبدو هامشيّة، والتي لديها القدرة على إعادة تشكيل عملك.
في أي وقت، هناك عدد قليل فقط من الاِتجاهات الكبيرة القادرة على تغيير تطلعات المستهلكين ومواقفهم وسلوكياتهم.
يمكن أن يساعدك تمريننا البسيط على قياس ما إذا كانت هناك قوى أو أحداث معينة تشكِّل اِتجاهاً يستحقّ الاِستفادة منه. يتضمَّن تحليل ما يلي:
- تأثير التموُّج (Ripple effects): هل التغييرات تحدث في مجالات متعدِّدة من حياة المستهلك؟ على سبيل المثال، ضع في اِعتبارك كيف تؤثِّر الشبكات الاِجتماعية مثل فيسبوك ولينكد إن على كل من الصداقات والعلاقات المهنية!
- الأثر (Impact): ما مدى عمق التغييرات في أولويات الناس وتصوّراتهم لدورهم في المجتمع والتوقعات؟
- النِطَاق (Scope): هل يشمل الاِتجاه عدداً كبيراً من المستهلكين عبر قطاعات السوق؟
- قدرة التحمُّل (Endurance): هل هناك ما يشير إلى أنَّ هذه التغييرات ستكون قوة مهيمنة في سلوك المستهلك لفترة ممتدة؟ القلق بشأن الاِحتباس الحراري والبيئة هو مثال على اِتجاه المستهلك الذي يجتاز هذه الاِختبارات.
يحاول الناس توفير الورق والكهرباء في العمل والمنزل والبحث عن المكونات الطبيعية عند تحديد الأطعمة ومستحضرات التجميل والأثاث الذي يجب شراؤه. جعلت العديد من الشركات أساليب التسويق الأخضر من أولوياتها وعيّنت مسؤولي الاِستدامة في الشركة. زاد عدد الأشخاص الذين يستخدمون صناديق إعادة التدوير المتعددة بشكل كبير. يظهر المزيد من المستهلكين الآن في محلات السوبر ماركت بأكياس التسوق القابلة لإعادة الاِستخدام. تشير كل هذه التطورات إلى أنَّ الاِهتمامات البيئية لم تخلق لتموت بل إنّها موجودة لتستمرّ.
الأمر ليس بسيطاً؛ يتطلَّب تحديد الاِتجاهات تجنُّب بعض الفخاخ الشائعة وتخصيص الموارد لاِستكشاف التغييرات التي تحدث خارج نطاق الفرد.
أحد الخيارات هو إنشاء مجموعة داخلية للقيام بذلك. نوكيا، على سبيل المثال، لديها فريق (Insight and Foresight) مكلَّف بتحليل التحوُّلات في أذواق المستهلكين التي لا تتعلق بالضرورة بالتفضيلات في تقنيات الهاتف الخلوي، أو يمكن للشركة أن تستأجر شركة اِستشارات إدارية أو أبحاث السوق لتتبًّع الاِتجاهات وتحليل آثارها.
2. اعمل تحليلين استكشافيين منفصلين
تتضمَّن الخطوة التالية تحليلين عميقين متميزين تماماً. يتعلَّق أوّلهما بالآثار الأقل وضوحاً للاِتجاه:
- ما هي الأهداف والمعتقدات والتصوُّرات المهمّة التي تظهر بين المستهلكين؟
- هل يطوِّر الناس اِفتراضات جديدة حول الأدوار والتفاعلات الاِجتماعية؟
الاِستكشاف الثاني هو تصوُّرات المستهلكين وسلوكيَّاتهم المتعلِّقة بفئة منتجك. يمكن أن تساعد تقنيات البحث المختلفة (الاِستبيانات المفتوحة ومجموعات المناقشة واليوميّات والمقابلات مع المستخدمين الرئيسيين) في هذا التحليل.
دعنا نأخذ كمثال حالة شركة للعناية بالجمال تريد الاِستفادة من اِتجاه نمط الحياة الرقمي. قد تكشف دراسة عن المستخدمين الكبار للأجهزة الرقمية أنَّهم يتوقعون توفُّر معلومات حول أي شيء تقريباً بسهولة ويسعون للتحكُّم في التجارب وتخصيصها ويحبُّون مشاركة الأحداث العادية مع الآخرين في الوقت الفعلي.
بينما قد يُظهر تحليل فئة العناية بالجمال أنَّ المستهلكين يرون أنَّ النقص مثل الشوائب أو التجاعيد هو نقطة ضعف ويريدون الاِرتباط بمنتجات تساعدهم على تحقيق نتائج محترمة اِجتماعياً مثل الترقية في العمل، وراتب أعلى، ومكانة…
عند إجراء هذا التمرين، يجب على الشركات أيضاً التحقيق في النتائج وأوجه القصور غير المرغوب فيها المتعلِّقة بالاِتجاه والفئة الحالية. على سبيل المثال، إنَّ كونك “دائماً أونلاين” ومُتاحاً عبر مواقع الشبكات الاِجتماعية يولِّد مشاعر متناقضة قوية: يكافح الأشخاص بين الرغبة في معرفة ما يفعله أصدقائهم في جميع الأوقات وبين الرغبة في بعض الخصوصية. وغالباً ما يجد المستهلك الذي يشتري منتجات العناية بالجمال صعوبة في الحصول على معلومات موثوقة حول المنتج المناسب لنوع بشرته؛ نتيجةً لذلك، قد تهدر المال والوقت في تجربة منتجات متعددة.
3- قارن النتائج
بمجرد أن يكون لديك فهم شامل لأهمّ جوانب اِتجاه المستهلك وفئة منتجك، فقد حان الوقت لتصوُّر كيف يمكن للجوانب الرئيسية للاِتجاه أن ترتبط بالجوانب الرئيسية لتجارب الاِستهلاك في فئتك.
قد تكتشف قدراً كبيراً من التطابق، أو اِنفصالًا، أو ربما حتى تعارضاً كامناً بين فئتك والاِتجاه الذي تحاول الاِنخراط فيه.
على سبيل المثال، يتمثَّل الهدف الأساسي لمستهلكي مستحضرات التجميل في تعزيز اِحترامهم لذاتهم. قد يلجؤون إلى منتج لمساعدتهم على الظهور بنجاح، واِكتساب اِحترام الآخرين، وإخفاء عيوبهم الجسدية.
يتوقَّع المستهلكون أن تقدِّم العلامات التجارية لمستحضرات التجميل منتجات تساعدهم على تحقيق مستوى مثالي من الجمال (غالباً ما يمثِّله أحد المشاهير أو عارضة الأزياء) وتقدِّم منتجات للعناية بالبشرة لتقليل التجاعيد وإخفاء الشوائب.
يّعدّ تقدير الذات أيضاً موضوعاً رئيسيّاً في التجارب الرقميّة، ولكن يتمّ تحقيقه بطرق مختلفة تماماً في هذا المجال عمَّا هو عليه في العناية بالجمال. في أنشطتهم الرقمية، يطوِّر الأفراد اِحترام الذات من خلال التعبير عن تفردِّهم والتفاعل مع الآخرين الذين يمكنهم تقدير ملفاتهم الشخصية المميزة. وبالتالي، بينما يشترك المستهلكون في كل من مجالات الموضة وفئات المنتجات في هدف اِحترام الذات، هناك انفصال: تساعدهم شركات العناية بالجمال تقليدياً على الوصول إلى معايير مثالية للجمال، في حين تمكّنهم الأدوات الرقمية من تكوين ملفات تعريف فريدة.
4- قم بعزل الاستراتيجيات المحتملة
بمجرد أن تكتسب منظوراً حول كيفيّة تفاعل المفاهيم المهمّة المتعلِّقة بفئتك مع التغييرات الحيوية المرتبطة بالاِتجاه في مواقف وسلوكيّات المستهلك، يمكنك تحديد أي من اِستراتيجيات الاِبتكار الثلاث التي ذكرناها في مقالنا السابق:
- عندما يستمرّ عرض القيمة الأساسية لفئتك في أن يكون ذا مغزى للمستهلكين المتأثِّرين بالاِتجاه، ستسمح لك اِستراتيجية الدمج والزيادة بإعادة تنشيط الفئة.
- إذا كشف التحليل عن اِنفصال متزايد بين فئتك والتركيز الجديد للمستهلكين، فإنَّ اِبتكاراتك تحتاج إلى تجاوز الفئة لدمج العالمين.
- أخيراً، إذا تعارضت جوانب الفئة مع التغييرات غير المرغوب فيها الناشئة عن الاِتجاه، فهناك فرصة لمواجهة هذه التغييرات من خلال إعادة تأكيد القيم الأساسية لفئتك.
الخلاصة
الاِتجاهات، سواء التكنولوجية أو الاِقتصادية أو البيئية أو الاِجتماعية أو السياسية، التي تؤثِّر على كيفيّة إدراك الناس للعالم من حولهم وتشكيل ما يتوقَّعونه من المنتجات والخدمات تقدم للشركات فرصاً فريدة للنمو. لكن الشركات تحتاج إلى تعلم كيفية ركوب موجة الاِتجاه نحو النجاح. إذا لم يفعلوا ذلك، فإنَّهم يخاطرون بإضاعة وقتهم ومورادهم.