المحتوى
يمر الاقتصاد العالمي في وقتنا الحالي بأزمة خانقة صعبة وثقيلة على كاهل الدول والشركات والأفراد على حد سواء، فكل الاقتصادات العالمية مرتبطة ببعضها البعض وأي انهيار يعصف باقتصاد دولة عظمى سيؤثر على اقتصادات أصغر البلدان في العالم.
لن نناقش الآن أسباب الأزمة ولا تبعاتها بل سنتكلم عن طرق التخفيف من وطئتها على الشركات ومحاولة اقتناص الفرص التي توفرها الأزمة الحالية، فوراء كل ازمة فرصة جديدة.
هناك بعض الخطوات يُمكن للشركات الصغيرة والمتوسطة بل وحتى الكبيرة اتخاذها، ورغم بساطة هذه الإجراءات إلا أنها قد تؤثر بشكل إيجابي وفعال على أدائها وبالتالي تخفف من وطأة الأزمة.
وأبرز هذه الخطوات
تخفيض النفقات
تسعى معظم الشركات عامة إلى تخفيض نفقاتها دومًا وتقليص حجم الالتزامات المالية، ولكن في الظروف القاهرة يجب مراجعة جميع بنود النفقات، المتمثلة بنفقات السفر والعمولات الخارجية والنفقات التطويرية والصيانة والمكافآت وغيرها بل وحتى التخلص من بعض الحاجيات وبيع بعض المستلزمات الفائضة عن الحاجة كالسيارات أو الماكينات أو ما شابه.
التفاوض مع الموردين
كل مجال من مجالات العمل يعتمد على موردين سواءً كانوا داخليين أي داخل البلد أو خارجيين أي خاجها، في الوقت الراهن وخصوصا في الظروف الحالية كل شيء يكون قابل للتفاوض وإعادة الاتفاق، حاول أن تعيد النظر بكل نشاطات الشركة الخارجية وتشكيل لجنة من ذوي المهارات العالية في التفاوض على مراجعة جميع البنود، كعقود الإيجار والخدمات وعقود النقل والتوزيع وشركات الشحن وعقود الخدمات الأخرى، فكل مبلغ تستطيع أن ترجعه للخزينة سيساهم بشكل فعال جدًا في مساعدتك في الفترة القادمة.
التفاوض مع العملاء
بإمكانك التفاوض مع عملائك ومراجعة قوائم المديونية وجدولة الديون بأسرع وقت مع عروض وخصومات خاصة، بإمكانك أيضًا التسريع من عقود البيع المؤجلة بإعطاء عروض تسويقية خاصة لتشجيعهم على الشراء في أسرع وقت ممكن.
زيادة السيولة النقدية
إن الهدف الأول لكل هذه الإجراءات هو زيادة السيولة النقدية داخل الشركة، فالشركات السليمة هي التي تملك أفضل معدل تدفق نقدي ثابت، وفي هذه الحالات تزداد أهمية النقد أكثر، حيث بإمكان الشركات استخدام هذا النقد في شراء معدات أو بضائع على شكل إبرام صفقات خاصة مع الموردين، وبالتالي تخفض الشركة تكاليف البضاعة وتعوض بعض الخسائر.
تأجيل عقود الشراء
من الطبيعي أن تقوم الشركات بتقليص المشتريات للحد الادنى، والاقتصار فقط على الاحتياجات الهامة والضرورية التي تؤثر على مسار العمل بشكل مباشر وحاد.
الدخول إلى أسواق جديدة
إن الفراغ الناجم عن التغيرات السريعة التي حصلت في السوق ستعطي فرصة للشركات الرائدة للدخول في أسواق واستهداف شرائح من السوق لم تكن قد اهتمت بها من قبل، وذلك لاستغلال الفراغ الذي قد تتركه الشركات المنافسة لأي سبب من الأسباب، كتعسرات مالية أو عدم توفر البضاعة اللازمة لاستهداف زبائنهم خصوصًا بعد الحظر العالمي وتوقف الشحن الدولي في بعض المناطق.
إدخال عناصر جديدة
إن التغيرات الحاصلة خلقت مناخًا جديدًا في السوق وبالتالي خلقت احتياجات جديدة، وأفضل الشركات تلك التي تتعامل بسلاسة مع تلك التغيرات، مثلًا شركة (لوي فيتون) المتخصصة في صناعة المحافظ الجلدية باهظة الثمن، حولت معملها في فرنسا من إنتاج المحافظ إلى إنتاج الكمامات وذلك مساهمة منها في تغطية الطلب العالي في السوق والعجز المتنامي فيه.
وهذا مثال بسيط فكل شركة لديها بالتأكيد حزمة من المنتجات الغير فعالة، فهنالك فرصة متاحة وفراغ بإمكانها استغلاله الآن لتعرّف السوق والزبون بمنتجاتها وتحجز مقعدًا مع المنافسين.
التسويق الرقمي
إن واحدة من أهم الخطوات الفعالة الآن هي التركيز على التسويق الرقمي والمبيعات الإلكترونية، حيث تضاعفت مبيعات أمازون خلال الفترة الماضية، مما يدل على الإقبال الكبير على السوق الإلكترونية، كما أن بقاء الناس في البيوت زاد من إقبالهم على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث كانت ملاذهم الآمن للتسلية حيث أظهرت الدراسات زيادة الإقبال على مواقع التواصل الاجتماعي بنسبة 87% في الهند فقط في أول أسبوع من الحجر المنزلي.
وقامت مثلاً شركات الاتصالات في الأردن بتوفير خدمة بيع كروت شحن الهاتف الجوّال عن طريق المتاجر الإلكترونية الخاصة بها، وذلك لسد حاجة العملاء من بطاقات الشحن التي تباع في مراكز التسوق.
زيادة المبيعات
إن أهم عامل ومؤشر على صحة الشركات هو معدل مبيعاتها، وزيادة المبيعات يعد طوق النجاة الوحيد للشركات فهو مصدر الدخل الوحيد لها، فبالتالي زيادة المبيعات هي مسئولية جماعية لجميع افراد الشركة.
إن زيادة المبيعات تكون عن طريق استهداف السوق بالعروض الترويجية والعروض الخاصة واستهداف اسواق جديدة، وإدخال حزم وعناصر جديدة للبيع ومضاعفة ساعات العمل لتلبية طلبات الزبائن إن استوجب الأمر.
تقليص رواتب الموظفين
هذا البند يعد بندًا حساسًا لأن أي تقليص لرواتب الموظفين سينعكس سلبًا على أدائهم في العمل، والشركات الآن بأمس الحاجة لرفع الأداء الوظيفي للموظفين لكي تتجاوز هذه الأزمة.
كنت أعمل سابقًا مسئولا عن فريق مبيعات في إحدى الشركات وصادفت في تلك الفترة ركود حاد في الاقتصاد والمبيعات فجاء قرار الشركة بتخفيض الرواتب تماشيًا مع الوضع الاقتصادي، وطبعًا أهم عامل لدى موظف المبيعات هو العامل النفسي وأي تخفيض سيؤثر سلبًا عليه وبالتالي ستقل الإنتاجية، فكان الاقتراح أن تخفض الرواتب ولكن على الشركة أن تزيد عمولة البيع للموظف، وبالتالي تكون الشركة قد خفضت من نفقاتها وأعطت حافزًا لرجل المبيعات لمضاعفة جهده كي يعوض هذا التخفيض.
وختامًا نقول أن رأس مال الشركة خليط من سمعتها في السوق وانتشارها فيه وخبرات موظفيها وجودة بضاعتها، فأي تلاعب بالجودة أو سوء تعامل قد يضيع جهد سنين متراكمة، لاسيما أن هذه الازمة وإن طالت فإنها إلى زوال لا محالة، والمحافظة على الروح المعنوية العالية داخل الشركة من خلال الاجتماعات والرسائل تساعد أيضًا في تخطي المرحلة بأفضل طريقة.
المصادر