المحتوى
يتحدث الكاتب ورائد الأعمال هان جوان لانغ “Han-Gwon Lung” عن كتابة المحتوى التسويقي قائلاً:
قليلاً ما أكتب محتوى تسويقي بنفسي في هذه الأيام، وذلك لأنَّني مشغول جداً في إدارة شركتي. لقد تحتَّم عليَّ أن أتعلم كل الأمور التي تخص التسويق والترويج للعلامات التجارية، وذلك لأنَّه كان من الضروري تنمية شركتي وخدمة عملائي بصورة أفضل.
ولهذا السبب أخذت استراحة مما أكتب عنه عادة: “نصائح للشركات الصغيرة”؛ لأجيب عن سؤال أعرف أنَّ الكثير من القراء قد راودهم: كيف تصبح كاتب محتوىً تسويقي محترف؟
إليكم كيف بدأت شخصياً في هذا المجال عندما لم يكن لدي أي معرض أعمال “Portfolio” أو خبرة عمل فيه؛ وهذه النصائح تنطبق على أي وظيفة أو مسار مهني جديد.
1. اعرف السوق من الداخل والخارج
غالباً ما يكون لدى الناس مفاهيم رومانسية جداً حول الحالة التي يكون عليها الكاتب، إلى أن يعرفوا ما يجنيه. بالتأكيد، يجب عليك متابعة شغفك، لكن يجب عليك أيضاً أن تتدبر أمر لقمة عيشك؛ لذا اعرف مقدار ما يمكن للكتاب كسبه في أي صناعة كانت، وسعر الطلب على المهارات التي تمتلكها، وعدد المنافسين وحجم المنافسة. وتقبَّل أيضاً أنَّك تدخل محيطاً أحمر (سوق عملٍ يكثر فيه المنافسون)؛ فلم يعد هنالك محيط أزرق (سوق عمل يكاد يخلو من المنافسين) لأي نوع من الكتابة الاحترافية بعد الآن.
2. ثق بنفسك
قد يسخر بعض الناس من هذه العبارة، لكنَّ الثقة في النفس ضرورة حتمية لتحقيق النجاح؛ فعلى سبيل المثال، يجري تعليم الأطفال منذ الصغر أنَّ المهن الإبداعية عبارةٌ عن انتحار مالي، وأنَّ تخصصات الفنون العقلية “liberal arts” – المهن التي تنطوي على دراسة أدبية أو فنية – لا يُنظر إليها بعين التقدير.
ونتيجة لذلك، حتى لو امتلك هؤلاء الأطفال الموهبة والشغف، فإنَّه لا يمكنهم الهروب من تلك الفكرة التي تكون قد ترسخت في لاوعيهم بأنَّ العمل ككاتب محترف أمر لا طائل منه؛ لذا يقتنع هؤلاء الأطفال بأنَّ مصيرهم سيكون الفشل لا محالة، ونتيجة لذلك يستسلمون قبل أن يحاولوا حتى.
لا تفعل ذلك بنفسك: أجرِ تقييماً لمهاراتك وشغفك واهتماماتك ووضعك، واعرف ما إذا كنت في الظرف والتوقيت المناسب لإعطاء فرصة لنفسك في العمل ككاتب محترف، فأنت من سيعرف إن كنت ستمتلك حينئذٍ فرصة معقولة للنجاح. وتذكَّر أنَّك تدخل محيطاً أحمر.
بالنسبة لي، كان الذهاب إلى كلية الطب هو الخيار الآمن؛ لكنَّني كنت أعلم أنَّ لدي بعض الأشياء التي تساعدني في اتخاذ قراري؛ فقد كنت في الأساس طالباً متفوقاً في اللغة الإنجليزية، لذا لم يكن من غير الممكن أن أكون كاتب محتوىً تسويقي محترف.
3. جرِّب العمل من أجل المتعة أولاً
بمجرد أن تقرر أنَّه يمكنك أن تعمل في هذا المجال، تكون بحاجة إلى العثور على وظيفية. فإذا كان لديك بالفعل معرض أعمال، فهذا أمر عظيم؛ وإذا لم يكن الأمر كذلك، فإنَّ أسهل طريقة لإثبات جدارتك هي أن تُسندَ لنفسك مشروعاً وهمياً كما لو كنت تعمل لصالح عميل فعلي.
فعلى سبيل المثال، إذا كنت تريد أن تكون كاتب محتوىً تسويقي، فاذهب إلى أول متجر، واشترِ كيساً من شرائح البطاطا المقلية واقرأ ما كُتب على ظهره؛ ثم اجعله أفضل؛ أو اعثر على مهمة سهلة يمكنك إجراؤها مجاناً. وإذا كان لديك صديق أو أحد أفراد أسرتك بحاجة إلى مساعدة بشأن شعار ما، أو بريد إلكتروني أو موقع ويب، فساعده.
ابحث عن فرص تدريب غير مدفوعة الأجر، أو اعمل بأجر زهيد؛ فالهدف ليس كسب المال – مؤقتاً فقط – بل معرفة ما إذا كنت ستحب هذا العمل.
4. استعدَّ للفشل وتقبُّل الكثير من الرفض
توجد بعض المحطات الرئيسية الهامة في حياة كاتب المحتوى التسويقي المحترف؛ وأكبرها حينما تجني مالاً من أول عملية بيع؛ فحينها ستبلغ ثقتك في نفسك عنان السماء، وستشعر وكأنَّك إرنست هيمنغوي.
وسرعان ما تدرك لاحقاً أنَّك حتى لو كنت تحب الكتابة وتعتقد أنَّك تجيدها، فقد لا يوافقك الآخرون الرأي؛ إذ إنَّ الكتابة بالمجان شيء، والكتابة مقابل أجر شيء مختلف، والشيء المختلف أكثر هو الإكثار من ذلك، لدرجة أنَّك تقوم بتحويلها إلى وظيفة بدوام كامل.
هذه هي لحظة النجاح أو الفشل لكل الأحلام المهنية؛ فما مدى استجابتك للفشل وأكبر مخاوفك؟ وهل في مقدورك التأقلم مع خيبات الأمل؟ أم أنَّك تنظر من الكون أن يُجزل لكَ العطاء دوماً؟
عندما قررتُ أن أصبح كاتباً محترفاً، شعرت بالرعب. شعرت أنَّني كنت أرفض مستقبلاً آمناً ومربحاً ومحترماً في العمل بصفتي طبيباً، لأكون فقيراً بمحض اختياري. وفي خضم اليأس، تقدَّمت بطلب لمئات الوظائف وكتبت لأصدقائي وعائلتي مجاناً. لقد عرضت خدماتي على زملائي في الكلية الذين بدأوا أعمالهم التجارية الخاصة بهم.
وإليك ما تعلمته: يمكن للبشر أن يعتادوا أي شيء، بما في ذلك الفشل؛ إذ كانت تلك الرسائل الإلكترونية الأولى للرفض تصيبني في كل مرة مثل رصاصة تخترق قلبي، لكن الرفض للمرة الخمسين بالكاد أحسست به؛ إذ كنت مشغولاً جداً في ذلك الأسبوع في التقدم إلى وظائف جديدة وإرسال طلبات تقديم إلى أرباب عملٍ شتَّى.
5. لا تتخصص في بداية عملك
إنَّ توسيع نطاق استراتيجية متخصصة أسهل من توسيع نطاق استراتيجية عامة. وهذا هو السبب في أنَّ بعض كتَّاب المحتوى التسويقي يكتبون فقط لأطباء الأسنان، وآخرون للشركات البرمجية. لكنَّك لست مضطراً لاتخاذ قرار بشأن تخصصك في البداية؛ بل في الحقيقة، لا أنصحكَ بالقيام به أصلاً.
فبدلاً من ذلك، اكتب لأكبر عدد ممكن من العملاء والصناعات المختلف؛ اكتب أنواعاً مختلفة من المحتوى التسويقي، واحرص على فهم كل محتوى تكتبه في كل مرحلة من قمع التسويق الرقمي ورحلة المشتري. جرِّب طرائق ومنهجيات مختلفة في فرض رسوم أتعابك، وفي تقديم حزم عروض وخدمات مخصَّصة.
ثم انتبه لما يريده العملاء أكثر، واعلم ما يطلبونه وأنت لا تقدمه لهم، وما يمنحك أفضل عائد استثمار من حيث الموارد التي تصرفها (الوقت والجهد)، والعوائد التي يقدمها العميل (توصيات رائعة وإيرادات متكررة).
تعمل شركتي بصورة أساسية مع عملاء في مجال التكنولوجيا والتمويل والرعاية الصحية. لقد سارت الأمور بهذه الطريقة، إلى أن بتنا ننشط في هذه المجالات من العمل؛ لكَّننا لم نكن لنتخصص فيها لو لم ننفتح على سوق العمل.
6. تعلَّم كيف تسوِّق لنفسك ولعلامتك التجارية الشخصية
مع حصولك على المزيد من العملاء، ستلاحظ أنَّ معظم الناس لا يكترثون بموثوقية كتابتك أو بمهارتك فيها؛ إذ سيعتمد قرارهم في العمل معك على:
- ما إذا كانوا يحبونك.
- ما إذا كان لديك توصيات جيدة.
ولهذا السبب يتعيَّن عليك أن تتعلم كيف تسوِّق لنفسك.
لا يبرع معظم الكتاب في هذا (وبالتأكيد أنا كنت مثلهم)؛ إذ كنت أعتقد أنَّ كتاباتي يجب أن تتحدث عن نفسها، لكن ليست هذه هي الطريقة التي تجري بها الأمور؛ إذ يتعيَّن عليك أن تقدم دليلاً يثبت أنَّك الشريك المناسب لعملائك على الأمد الطويل.
وهذا لا يعني أنَّك بحاجة إلى أن تصبح مسوقاً رقمياً أو خبيراً في أقماع التسويق، لكن عليك أن تكون قادراً على الذهاب إلى فعاليات وملتقيات التشبيك، وتختلط بأريحية مع العملاء المحتملين.
7. هل تحب عملك بما يكفي لتعمل به بدوام كامل؟
حتى لو لم يكن اسمك موجوداً في أول محتوى تبيعه، فسيظل محتواك قد نشر في اللحظة التي يعرضه عميلك على مرأىً من الجميع؛ لذا اذهب واحتفِ بنفسك! فهذا ما يعمل من أجل كثير من الكتاب الطموحين حول العالم لسنوات عديدة. كافئ نفسك وهنئها على ما قمت به.
يتوقف العديد من الكتاب هنا، ويحتفظون بوظائفهم الأصلية ويكتبون كعملٍ إضافي. لكن طموحاتك قد لا تتوقف عند هذا الحد؛ فلعلَّك ترى نفسك تعيش “حياة الكاتب” وتمتهن مهنته بدوام كامل. لذا يمكنك عمل مدونة لنفسك، أو أن تجهز قائمةً بعملائك المحتملين.
في الختام: عليك أن تقلق من عدم المحاولة
لقد عملت لسنوات بشكل متقطع ودوام جزئي بين فترات البطالة، قبل أن أجد فرصة عمل حقيقية لنفسي. لقد كانت ثقتي بنفسي تتأرجح صعوداً وهبوطاً مثل أرجوحة، وشعرت بالرغبة في الاستسلام في مرات عديدة؛ لكنَّني لم أستسلم، وذلك لأنَّ كوني كاتباً محترفاً كان حلمي منذ طفولتي.
لم يكن ذلك وهماً، لقد كان حلمي؛ لذلك عندما اضطررت للاختيار بين السعي وراء ما أريده بحق، وبين ضمان مستقبل “آمن” لنفسي، ارتأيت أنَّ التخلي عن حلمي كان قراراً أسوأ بكثير بالنسبة لي على الصعيد الشخصي.
إنَّ كونك كاتباً محترفاً هو مجرد نوع واحد من الأحلام والطموحات؛ فربما تريد أن تكون متخصصاً في التنظيم، أو مليارديراً ناشئاً، أو مدرباً مهنياً. أياً يكن حلمك، وبغضِّ النظر عن مدى اختلافه عن وظيفتك اليومية، فلا تستحِ منه؛ فالأحلام تمنح حياتك معنىً، وسرَّ الحياة المهنية المرضية والناجحة بحق هو عدم الخشية من امتلاكها.