المحتوى
بعدما تركنا خلفنا فوضى 2021 مع كل ما حملته من تأثيرات سلبية لجائحة فيروس كورونا، ها قد بدأنا عامًا جديدًا مع الأمل بتجاوز الجائحة والنهوض مجددًا، فما الذي من الممكن أن نتوقعه بقطاع التسويق الرقمي للأشهر المقبلة في 2022؟
ولكن قبل ذلك دعونا نسترجع ما حدث في 2021، فقد كانت سنة غير متوقعة، ففي مجال التسويق الرقمي ظهرت بعض الاتجاهات التي كان قد تم توقعها قبل الجائحة، بينما لم تظهر اتجاهات أخرى على الإطلاق، وفُرضت العديد من التغييرات التي أعادت تشكيل عناصر المشهد التسويقي.
ولعل أبرز ما ميز 2021 هو مبيعات التجارة الإلكترونية التي تجاوزت التوقعات، بالإضافة إلى زيادة الوقت الذي يقضيه الناس على وسائل التواصل الاجتماعي، وانتشار عقد الاجتماعات والمؤتمرات عبر الفيديو كبديل عن الفعاليات المباشرة وجهًا لوجه، وقد أدى ذلك إلى تحول كبير في الطريقة التي تتواصل بها العلامات التجارية مع عملائها.
لذا بما أننا بدأنا العام الجديد فما هي اتجاهات التسويق التي ظهرت وستستمر في الظهور خلال 2022؟
فيما يلي بعض الاتجاهات الرئيسية التي يجب الانتباه إليها:
-
البث المباشر وزيادة في محتوى المؤثرين
أدت القيود التي فرضت على التجول والتجمع العام الماضي إلى إلغاء الفعاليات الاجتماعية بمختلف أنواعها، فلم يكن الناس قادرين على رؤية أصدقائهم أو حتى عائلاتهم!
وأدى ذلك إلى زيادة ملحوظة في عدد الأشخاص الذين يتابعون البث المباشر، سواءً كان بثًا مباشرًا لعلامة تجارية أو فيديو مباشر من المشاهير المفضلين لديهم أو ورشة عمل عبر الإنترنت.
فارتفعت المشاهدات المباشرة على فيسبوك بنسبة 50% خلال فترات حظر التجول، بينما ارتفعت المشاهدات على إنستقرام بنسبة 70%.
يمكن للمحتوى التفاعلي مثل البث المباشر الذي يقوم المؤثرون ببثه أن يخلق الثقة، ويمكنه توفير التواصل “السريع والقريب” الذي يتوق إليه الناس في هذه الأيام.
على سبيل المثال بدأت خدمة Amazon Live فعليًا خلال فترة الوباء، حيث انتقل المؤثرون إلى المنصة للترويج لمنتجاتهم المفضلة من خلال الفعاليات المباشرة، علاوة على ذلك كان بإمكان المشاهدين إجراء عملية التسوق خلال البث المباشر نفسه، حيث يقومون بالشراء أثناء مشاهدتهم!
-
المزيد من الأنشطة الخيرية والرسائل الإنسانية
يشير تقرير Hootsuite لاتجاهات وسائل التواصل الاجتماعي لعام 2021 إلى أنه: “ستدرك أذكى العلامات التجارية كيفية الاندماج مع حياة العملاء على وسائل التواصل الاجتماعي، وستجد طرقًا إبداعية للتواجد عبر محادثاتهم اليومية”.
وذلك يتطلب الكثير من الشفافية، فهل يعقل أن يرغب الناس بالاستثمار في شيء لا يثقون أو لا يؤمنون به؟ ولذلك سيكون بناء العلاقات أمرًا محوريًا للعلامات التجارية التي تريد أن تكون جهات موثوقة في 2022.
والآن أكثر من أي وقت مضى يتعين على العلامات التجارية البحث بعمق لمعرفة كيفية الازدهار في الأوقات المضطربة، ويشير تقرير لشركة Deloitte إلى أنه للقيام بذلك يجب أن تكون العلامات التجارية “منسجمة بعمق مع سبب وجودها ومن أنشئت لخدمتهم”، وتعتبر الأعمال الخيرية والعروض والحملات ذات الرسائل الإنسانية إحدى أسرع الوسائل للنفاذ لقلوب العملاء وتحقيق ذلك.
ليس من المستغرب رؤية العلامات التجارية تقوم بأنشطة خيرية ولكن سيكون هناك تركيز أكبر على ذلك في 2022.
-
المحتوى المقدم من العملاء (User Generated Content – UGC)
يرغب المستهلكون بخوض تجارب ممتعة بسيطة ولا تنسى مع العلامات التجارية، كما أنهم يريدون أن يروا دليلًا محفزًا قبل الشراء وأن تتم طمأنتهم، فلا أحد يريد أن يتخذ قرارًا خاطئًا يؤدي إلى خسارة أمواله دون فائدة تذكر!
يحل المحتوى المقدم من العملاء (UGC) جميع المشكلات عندما يتعلق الأمر بالمحتوى القادر على بناء العلاقات، فهو يبني ويقوي المجتمعات الرقمية لأنه يعتمد على التواصل بأسلوب راقي ويمكّن العلامات التجارية من التقرب من العملاء، ويساعد على إنشاء الكثير من المحتوى في ظل وجود قيود حظر التجول والإجراءات الاحترازية الخاصة بكورونا.
لطالما كان المحتوى المقدم من العملاء وسيلة فعالة للعلامات التجارية لتكوين روابط مع عملائها وتقديم الدليل الاجتماعي. وسيكون أيضًا اتجاهًا شائعًا في التسويق الرقمي 2022.
-
التركيز على استدامة البيئة
يرى 81% من المستهلكين أن الشركات يجب أن تساعد في تحسين البيئة.
وهذا الرقم غير مفاجئ، فقد شهدنا على مدار العامين الماضيين تحولًا في العلامات التجارية التي تتجه نحو مستقبل أكثر استدامة. سواءً كان ذلك من خلال الاهتمام بعمليات التغليف غير المضر بالبيئة أو المواد التي تستخدمها أو أنظمتها أو غير ذلك.
يبحث كثيرون عن كوكب أكثر حفاظًا على البيئة وأكثر اخضرارًا. ويسعى المستهلكون بنشاط إلى البحث عن العلامات التجارية ذات الأهداف المرتبطة بالقضايا البيئية والوعي بها. ونظرًا لأن البيئة ما زالت في خطر سيكون من الضروري للعلامات التجارية أن تؤكد على الاستدامة البيئية في التسويق الرقمي في 2022.
-
دعم قضايا الاحتواء
أصبح احتواء من يتم تهميشهم أو استبعادهم موضع تركيز أكبر في 2021. حيث سلطت حركة “حياة السود مهمة” (Black Lives Matter) التي تهدف إلى إنهاء العنف والتمييز ضد الأشخاص السود الضوء على القضايا الخطيرة التي لا تزال كامنة داخل المجتمعات.
أظهرت دراسة أجرتها شركة Accenture أن 41% من المتسوقين يتحولون بعيدًا عن التجار الذين لا يعكسون وجهات نظرهم حول الهوية والتنوع. كما أن 29% منهم على استعداد لتغيير العلامات التجارية تمامًا إذا لم تظهر ما يكفي من التنوع.
ستشهد العلامات التجارية التي يُنظر إليها على أنها غير شاملة تأثيرات سلبية في عام 2022. بينما ستجني العلامات التجارية التي تعلن دعمها لقضايا الاحتواء فوائد كثيرة وتبني روابط أعمق مع العملاء.
-
زيادة البحث الصوتي والمرئي
يبحث عدد متزايد من المستهلكين عبر أدوات البحث الصوتي مثل Alexa، ربما يرجع ذلك إلى كونهم عالقين في منازلهم ولديهم فرص محدودة للحديث مع غيرهم، أو ربما يرجع ذلك ببساطة إلى أن هذا النوع من التكنولوجيا أصبح متاحًا بسهولة أكبر.
ولكن ليس البحث الصوتي فقط هو الذي سيسود في 2022 – يمكننا أيضًا أن نتوقع أن ترتفع طرق البحث الإبداعية الأخرى إلى القمة مثل البحث المرئي.
تتيح أدوات مثل Google Lens للمستهلكين البحث عما يمكنهم رؤيته. وهذا يعني أن المسوقين سيحتاجون إلى التركيز أكثر على النص الوصفي للصور أو النص البديل image alt-text وكذلك إضافة ملفات Sitemap للصور. حيث ستزداد أهمية العناصر المرئية في تحسين محركات البحث (SEO) خلال هذا العام. كما ستكون مربحة أيضًا. حيث قدر الخبراء أنه في سياق التسويق الرقمي 2022 “أول الشركات التي ستعيد تصميم مواقعها على الويب بحيث تدعم البحث المرئي والصوتي ستتمكن من زيادة عائدات التجارة الرقمية الخاصة بها بنسبة 30%”.
-
المحتوى سهل الاستهلاك
شهد عام 2021 أيضًا ميل الأشخاص إلى المحتويات سهلة الاستهلاك. مثل البودكاست الذي يمكن الاستماع إليه أثناء التنقل أو الرسائل الإخبارية التي تصل مباشرة إلى صندوق الوارد الخاص بالمشتركين بالخدمة.
وتشير الدراسات إلى أن 55% من الأمريكيين يستمعون الآن إلى البودكاست. بينما زادت النشرات الإخبارية بنسبة 14% أثناء فترات حظر التجول.
سيساعد المحتوى الملائم والمتاح بسهولة مثل البودكاست والنشرات الإخبارية العلامات التجارية على التواصل بشكل أعمق مع العملاء وتوفير طريقة أكثر حميمية للبقاء على اتصال.
-
الاستفادة القصوى من وسائل التواصل الاجتماعي
لا يخفى على أحد الأهمية الكبيرة التي تتمتع بها وسائل التواصل الاجتماعي. خصوصًا في هذه الأيام مع قضاء الناس جزءًا كبيرًا من يومهم عليها. لذا سيبقى التسويق عبر وسائل التواصل الاجتماعي اتجاهًا مهمًا جدًا في 2022 بل وسيكتسب أهمية أكبر.
سيكون على الشركات استخدام جميع الميزات التي توفرها منصات التواصل الاجتماعي مثل البث المباشر الذي ذكرناه سابقًا. بالإضافة إلى ميزة القصص والتي يمكن عبرها الوصول إلى جمهور أكبر وإضافة العناصر التفاعلية والروابط الخارجية. بالإضافة إلى المنشورات القابلة لإجراء عملية التسوق مباشرة من خلالها. والتي تمكن المستخدم من إتمام عملية الشراء من خلال المنشورات ببضعة نقرات.
ستشهد هذه الاتجاهات في التسويق عبر وسائل التواصل الاجتماعي تطورًا مستمرا في 2022. وسيتم تحديث إستراتيجيات الشركات التسويقية تناسبًا مع ذلك.
هل أنت مستعد لـ 2022؟
أجبرت الظروف غير المتوقعة لعام 2021 العلامات التجارية على التفكير طويلاً وبجد في كيفية تواصلها مع عملائها. ودفعتها إلى التوسع وخلق المزيد من الطرق التي تركز على الإنسان للوصول إلى المشترين.
خلال 2022 سنرى استمرار ذلك. حيث ستصبح عمليات البث المباشر أكثر شيوعًا. وسترقى العلامات التجارية ذات الأهداف الإنسانية والتي تدافع عن بيئة نظيفة مستدامة وتعمل على احتواء المهمشين والضعفاء إلى القمة. وسيظل المحتوى المقدم من قبل العملاء جزءًا لا يتجزأ من كل إستراتيجية للتسويق.
