المحتوى
تخيّل أنك قمت مؤخَّراً بإعادة تصميم موقع شركتك على الويب وأنت تنظر في تحليلات موقعك. ولاحظت أنَّ الزوَّار يقضون وقتاً أطول بكثير في إحدى صفحاتك التي تمّ تجديدها. عندها تشعر بالسّعادة والرّضا لأنّهم بفضل جهودك يبقون في هذه الصفحة فهم “سعداء”. أليس كذلك!
للأسف؛ أنت مُخطئ!
حقيقةً، أنت لا تعرف ما الذي يحدث مع تلك الصفحة. المقاييس بدون سياق ليست مفيدة.
أنت لا تعرف، إذا هؤلاء الأشخاص سعداء بالصفحة، أم أنّهم مرتبكون ويقضون وقتاً طويلاً في محاولة العثور على ما يحتاجون إليه.
يخبرك الوقت المستغرق في الموقع، وحركة مرور الموقع، وأنواع الزوَّار، ومُعدَّلات الخروج والمقاييس الأخرى، بما يحدث على موقع الويب الخاصّ بك. هذه معلومات سلوكيّة قيّمة. لكن لماذا يحدث ذلك؟
الأرقام لا تعطي السياق. ركِّز على الأشخاص الذين يقفون وراء الأرقام، للحصول على القصّة الكاملة وراء ما يحدث. وهذا ما نسمّيه البحث النوعيّ. أكمل معنا لتتعرف على مفهومه وأهمّ الأمثلة عنه.
البحث النوعي
يتضّمن البحث النوعيّ جمع وتحليل البيانات غير الرقميّة (مثل النصوص أو الفيديو أو الصوت) لفحص ما تعنيه أرقامك.
يتمّ اِستخدامه لفهم الأسباب والآراء والدوافع الكامنة وراء السلوكيات. يمكن أن يقدِّم اِنطباعاً عميقاً حول كيفيّة عمل الأشخاص، وأي تأثيرات تاريخيّة أو ثقافيّة أو اِجتماعيّة أو غيرها من التأثيرات ذات الصلة التي تؤثِّر على قرارات الأشخاص.
هذا هو المفتاح لتجربة مستخدم رائعة، فمعرفة وفهم الأسباب الكامنة وراء سلوك العملاء المستهدفين يؤدِّي إلى قرارات أكثر ذكاءً بشأن المحتوى المُقدَّم إليهم.
- في تعلُّم دوافع المستخدم ومشكلاته، يمكنك اِكتشاف اِحتياجاتهم ومشاكلهم والفرص التي لا تستطيع التحليلات إظهارها. على سبيل المثال، يمكنك معرفة؛ أين وكيف يتسبب موقع الويب الخاص بك في إحباط المستخدمين، أو المحتوى الذي يأملون في الحصول عليه على صفحة ويب معينة.
- يساعد البحث النوعي أيضاً في التحقُّق من صحّة أو تعديل شخصيَّاتك. يمكن أن يساعدك أيضاً في تسهيل رحلة المشتري من خلال فهم الأسئلة الرئيسيّة التي يجب أن يتناولها المحتوى الخاصّ بك على طول الطريق.
العديد من المسوقين على دراية بـ مجموعات التركيز، والتي يمكن أن تكون مفيدة ولكن حقيقةً فائدتها محدودة.
لا تحصل دائماً على آراء صادقة في مجموعة ولا يصف الأشخاص بدقّة ما يفعلونه أو ما سيفعلونه. لماذا لا تفكّر في أساليب بحثيّة أخرى لاكتساب رؤىً وإحصائيّات مهمّة قد تمكّنك من تغيير قواعد اللعبة؟!
إليك أهمّ هذه الأساليب البحثيّة.
اختبار قابلية الاستخدام Usability testing
يفحص اختبار، قابلية الاستخدام (Usability testing) الطريقة، لمعرفة مدى سهولة استخدام موقع ويب أو تطبيق أو برنامج آخر. يقوم شخص بعمل المهامّ وتتمّ مراقبته من قبل الباحث أو عبر الفيديو.
عادةً ما يتمّ تحضير أسئلة للمقابلة ويتمّ متابعة الجلسة بهذه الأسئلة.
يتمّ إجراء اِختبار قابليّة الاستخدام من أجل؛
- اِكتشاف ما إذا كان بإمكان الأشخاص أداء المهامّ الشائعة بنجاح وسهولة.
- الكشف عن أي مشكلة أو اِرتباك متعلّق بالمحتوى أو التصميم أو أشياء أخرى تواجه المستخدمين.
- اِكتشاف مدى رضا الأشخاص عن موقعك على الويب أو تطبيقك.
المقابلات الميدانيّة Field Interview
تخلق المقابلات الميدانيّة جوّاً مريحاً أكثر من المقابلات الرسمية. يتمّ إجراؤها مع أشخاص في بيئتهم المعتادين عليها، عادة في المنزل أو العمل أو المدرسة. فالذهاب إليهم حيث هم موجودون؛ يزيد من راحتهم ويقدِّم لك سياقاً قد يفوتك، إن طلبتهم في غير مكان.
في بعض الأحيان يتمّ إجراء أفضل المقابلات الميدانيّة أثناء التنقل. عندما تتجوّل مع الأشخاص وتسألهم، يشعرون كأنّك صديقهم، وقد يرتاحون في إفشاء المعلومات التي بداخلهم أكثر، ممّا يساعدك في اِتخاذ قرارات أفضل بشأن تصميم موقعك أو تطبيقك.
تعطيك، ملاحظة بيئة البحث، للمشاركين لديك، نظرة عامة عمّا يواجهونه من الضوضاء والمقاطعات. وغالباً ما يؤثِّر الجو الذي يتواجد فيه الأشخاص، على كيفيّة اِستخدامهم لموقعك على الويب أو منتجك.
يفيد اِستخدام المقابلات الميدانيّة في؛
- زيادة مستوى الراحة للمشاركين في البحث.
- فهم التحديَّات البيئية التي يواجهونها.
- اِكتشاف الاِحتياجات التي لا يستطيع الناس التعبير عنها.
التعليقات المباشرة Direct feedback
تمنح التعليقات المباشرة الأشخاص فرصة لتزويدك بالمعلومات مباشرةً، وهو أمر لا يُقدِّمه سوى عدد قليل جدّاً من مواقع الويب.
من الطرق السهلة والشائعة لتلقّي التعليقات عبر النموذج المُصمَّم جيّداً؛ “اِتصل بنا”. يمكنك مع ذلك، طلب تعليقات مباشرة في الجز الأخير من المحتوى.
على سبيل المثال، يوفِّر موقع (Usability.gov) مقالات وقوالب قابلة للتنزيل تتعلَّق بتجربة المستخدم؛ ثمَّ في نهاية الصفحة يسأل: “هل كانت هذه الصفحة مفيدة؟” مع خيارات “نعم” و “لا”.
أيّاً كان الخيار الذي تختاره، يُطلب منك أيضاً التحقُّق من التفسيرات ذات الصلة أو تقديم إجابتك الخاصَّة. هذه طريقة بسيطة للحصول على معلومات نوعيَّة في الوقت المناسب، لتكملة تحليلات موقع الويب الخاصّ بك.
يفيد اِستخدام التعليقات المباشرة في:
- منح الناس طريقة لإخبارك بمشكلة أو حاجة ما.
- طلب التعليقات في لحظة الرضا أو الإحباط.
- إظهار مدى اِهتمامك، وأنَّك قلِق بشأن تلبية اِحتياجات المستخدمين.
المزيج هو مفتاح النّجاح
لتوجيه قرارات فعالّة بخصوص المحتوى الخاصّ بك، عليك الجمع بين البيانات الكميّة والبيانات النوعيّة.
لا تقم باِتِّخاذ قرارات اِستناداً إلى البيانات الكميّة فقط، فقد تسيء تفسير معناها. كبديل؛ تعكس البيانات النوعيّة الأنماط . ولكن اِنتبه؛ يُمكن أن تتأثّر بمجموعة صغيرة، وتغيّر نتيجتك. لذلك ضع في اِعتبارك العميل الذي يتواصل معك باِستمرار من أجل التغيير. لا تجعل الحالات الاِستثنائية هي المسيطرة على قراراتك.
إنّ النظر إلى البيانات النوعيّة والكميّة معاً يمكن أن يضعك على المسار الصحيح للعملاء الراضين.
دراسة حالة MailChimp
في أيلوم عام (2015) أطلقت الشركة ميّزة (MailChimp Pro) التي تتيح للعملاء الغوص بعمق في تحليلات البيانات. يمكنه:
- اِختبار ما يصل إلى ثمانية أشكال مختلفة لحملة البريد الإلكتروني.
- وتتبع التسليم في الوقت الفعلي.
- وإيقاف الحملات إذا اكتشفت خطأ إملائياً.
لعب البحث النوعيّ للمستخدم دوراً مهمّاً في تطوير المحتوى المتعلّق بهذه الميزة الجديدة.
قال (Bernstein)؛ “أولاً، كان علينا تحديد من الذي من المحتمل أن يتخِّذ قرار الشراء، هل هو مصمم البريد الإلكتروني أم مدير التسويق”. “ثم كان من الأهميّة بمكان وصف المنتج باللغة التي سيستخدمها ذلك الشخص.”
أجرى فريقه مقابلات مع عملاء (MailChimp Pro) المحتملين في مكاتب العملاء وعلى الهاتف. اِستمعوا إلى اللغة التي يستخدمها العملاء وتعرَّفوا على بيئة العمل. كذلك درس الباحثون كيف وصف المنافسون أنفسهم في منشورات الصناعة.
أثّرت الأفكار المُكتَسبة من البحث في تحديد موضع الميزة الجديدة، لكن النتائج أثَّرت أيضاً على مقالات الكيفيّة وغيرها من وثائق دعم المساعدة.
بالاِسترشاد بكلّ من البحث النوعيّ والكمي، أصبح لدى (MailChimp) أكثر من (9) مليون عميل. كماتسعى الشركة باِستمرار لتحسين تجربة المستخدم من خلال فهم السبب وراء الأرقام.