المحتوى
بالتأكيد أنَّ هناك العشرات أو حتَّى المئات من الشركات التي تقدّم منتجات أو خدمات مشابهة لما تقدِّمه. إذ يُقدّمون وعوداً وفوائد مماثلة، وبالتالي لديهم تموضعاً مماثلاً في ذهن المستهلك العادي.
تُثير هذه الحالة تساؤل المستهلك، عن سبب اِختيار إحدى الشركات بدلاً عن غيرها؟ وهنا يكمن دورك في إبراز سبب تميّز منتجاتك، وقدرتك على تقديم قيمة فريدة للعملاء من خلال بناء إستراتيجية تموضع ذهني ناجحة.
نتناول في هذا المقال، الخطوات الأساسية لتطوير وتنفيذ اِستراتيجية التموضع الذهني الناجحة للعلامة التجارية؛ لمساعدتها على تمييز نفسها في السوق.
المكونات الرئيسة لاستراتيجيات التموضع الذهني
لا يمكن للعلامات التجارية النجاح في اِستراتيجية التموضع إلَّا من خلال التركيز على العناصر الثلاثة التالية:
1- الجمهور المستهدف
معرفة الجمهور المستهدف أمر بالغ الأهمية للشركات من أجل إيصال رسائل تسويقية تؤثّر في العملاء المحتملين.
يتمّ اِستخدام البحوث السوقية والاِستطلاعات وغيرها من الأساليب؛ لتحليل البيانات الديموغرافية للعملاء وسلوكهم واِهتماماتهم واِحتياجاتهم؛ بهدف تمكين الشركات من فهم أفضل للجمهور المستهدف.
على سبيل المثال؛
- تركّز شركة آبل على المحترفين المبدعين.
- تستهدف شركة تيسلا المستهلكين المهتمّين بالبيئة.
- تروّج أمازون للراحة كواحدة من نقاط البيع الفريدة لديها.
وبالتالي تنجح كلّ علامة تجارية بالتموضع في السوق؛ من خلال التواصل العاطفي مع جماهير محدَّدة من خلال رسائل مخصَّصة.
2- الميزة التنافسية
تتمكَّن الشركات التي تستغلّ ميزاتها التنافسية من صياغة عرض قيمة فريد لجذب جمهورها المستهدف. من خلال التميّز عن الشركات الأُخرى، يُمكنها خلق هوية تجارية متميّزة تكون أساس النجاح في السوق.
من الأمثلة على ذلك تركيز آبل على التصميم في منتجاتها، أو اِهتمام تيسلا في سيارات الكهرباء والاستدامة، حيثُ يستخدمون هذه المزايا لإيصال رسالة فعالة تؤثّر في العملاء.
3- التواصل المستمر
على العلامات التجارية إنشاء خطة تواصل متّسقة؛ لضمان إعلام العملاء المستهدفين بمنتجاتها أو خدماتها. ولتحقيق ذلك، يجب تطوير صورة وهوية موحَّدة عبر جميع قنوات الاِتّصال؛ لتعزيز التعرف على العلامة التجارية، وإيصال رسالتها بشكل عاطفي.
يتطلَّب ذلك وجود رسائل أساسية تحدّد القنوات المناسبة، وإنشاء دليل يعكس نغمة الصوت المطلوبة. من خلال التحكّم في كيفية ظهور محتواك التسويقي، يمكنك ضمان تأثيره بكفاءة على الجمهور المستهدف.
6 خطوات لإنشاء استراتيجية التموضع الذهني للعلامات التجارية
نستعرض فيما يلي كيفية تطوير إستراتيجية مقنعة لتحديد التموضع الذهني للعلامة التجارية من خلال (6) خطوات:
1- فهم تموضع علامتك التجارية الحالي
قبل البدء في اِستراتيجية جديدة لتحديد تموضع علامتك التجارية، من الضروري تقييم وضعها الحالي في السوق.
قم بتحليل كيفية إدراك العملاء لعلامتك التجارية، والاِرتباطات التي يقومون بها بشركتك، وكيفية مقارنتها بالمنافسين. من خلال إجراء الاِستطلاعات وجمع ملاحظات العملاء، ودراسة اِتّجاهات السوق للحصول على رؤى قيمة.
إنَّ فهم موقعك الحالي سيكون بمثابة الأساس لصياغة اِستراتيجية أكثر فعالية وتميّز. إذ لا يهدف تحديد تموضع العلامة التجارية على جعل العالم كلّه يرى علامتك التجارية بطريقة معينة، بل يتعلَّق بجعل العميل المستهدف يرى علامتك التجارية بهذه الطريقة.
وبالتالي، فإنَّ الخطوة الأولى في التأثير على تصوّر المستهلك هي تحديد الفئة الممستهدفة، من خلال إنشاء شخصية المشتري المثالي.
2- تحديد المنافسين
للتميّز في سوق مليء بالمنافسين، تحتاج إلى معرفة من تتنافس معه. حدّد منافسيك الرئيسيين، وقم بإجراء تحليل شامل لنقاط القوّة والضعف، واِستراتيجيات تموضعهم.
من خلال فهمك لمنافسيك، يُمكنك تحديد الفجوات في السوق، وإيجاد نقاط بيع فريدة، واِكتشاف فرص لتموضع علامتك التجارية بطريقة تميّزها عن غيرها.
3- إنشاء عرض القيمة الفريد
يُعدُّ عرض القيمة الفريدة (UVP) هو جوهر تموضع علامتك التجارية، من خلال تحديد ما الذي يجعل علامتك التجارية مميّزة، ولماذا يجب على العملاء اِختيارك على المنافسين.
من المهمّ عرض قيمتك الفريدة (UVP) باِعتبارهِ رابطاً بين وعد علامتك التجارية، واِحتياجات عميلك. ويركّز على المزايا والحلول المحدَّدة التي تقدِّمها لجمهورك المستهدف.
كما يجب أن يُعالج عرض القيمة الفريد نقاط ألم العملاء، ويوضّح سبب كون علامتك التجارية هي الأفضل لاِحتياجاتهم. باِختصار، اِجعلهُ واضحاً وجذاباً وسهل التذكُّر.
4- إنشاء بيان تموضع علامتك التجارية
الخطوة الأولى في تمييز منتجاتك أو خدماتك هي إنشاء هوية علامتك التجارية. ويبدأ إنشاء هوية العلامة التجارية بتحديد جمهورك المستهدف. بعد ذلك عليك اِتّخاذ بعض الخطوات الإضافية للمساعدة في تطوير شخصية علامتك التجارية:
- حدّد مهمتك. ما الذي تحاول علامتك التجارية تحقيقه، وكيف، ولمَن؟
- حدّد قيمك. ما هي القيم الأساسية التي تدعم مهمّة علامتك التجارية؟
- إنشاء رسائلك. يجب أن تؤكّد رسائلك على قيمك وعروض البيع الفريدة (USP).
بعد ذلك، فكّر في كيفية نقل هوية علامتك التجارية من خلال الكلمات (النبرة، المفردات، وغيرها)، والصور (بما في ذلك الخطوط والألوان والشعارات).
من خلال فهم القيمة الفريدة لعلامتك التجارية، قم بصياغة بيان تموضع موجز وقوي يُجسّد هوية علامتك التجارية وجمهورك المستهدف ويبرز فوائدها. ويُجيب عن سبب أهمية علامتك التجارية، وما يجعلها مميَّزة عن الباقي. اِجعله بسيطاً وسهل التذكر ومتسقاً عبر جميع قنوات الاتصال.
5- اختبار نجاح التموضع الذهني للعلامة التجارية
قبل تنفيذ اِستراتيجية تموضع العلامة التجارية الجديدة بشكل كامل، اِختبرها مع جمهورك المستهدف. قم بإجراء اِستبيانات، أو مقابلات لجمع الملاحظات وردود الفعل.
اِنتبه إلى مدى تأثير تموضعك على العملاء، ومدى تطابقه مع تصوّراتهم لعلامتك التجارية. واِستناداً إلى التعليقات، يُمكنك تحسين تموضعك لضمان ربطه بشكل فعَّال مع جمهورك.
6- تعزيز الصفات المميزة لعلامتك التجارية
بمجرَّد إنشاء هوية علامتك التجارية، وتحديد القيمة الفريدة التي تقدّمها للمستهلكين، من المهمّ تأكيد هذه الرسالة بشكل متكرّر. إذ تُعدُّ الاِستمرارية هي العنصر الأساسي لتعزيز تموضع علامتك التجارية في أذهان العملاء، وبناء وعي قوي وولاء تجاه العلامة التجارية.
قم بتأكيد تموضع علامتك التجارية عبر جميع قنوات التسويق، بما في ذلك وسائل التواصل الاِجتماعي والبريد الإلكتروني والتسويق بالمحتوى. وقم بإنشاء رسائل علامة تجارية تسلّط الضوء على القيم الأساسية، والعوامل المميّزة باِستخدام تقنيات سرد القصص.
على سبيل المثال، دعوة المستهلكين لمشاركة تجربتهم مع خدمات أو منتجات علامتك التجارية عبر وسائل التواصل الاِجتماعي. بهذه الطريقة، يسلّط شخص آخر الضوء على ما يميّزك عن المنافسة، ممَّا يخلق تجربة أكثر صدقاً.
شهادات العملاء هي مجرّد أحد أساليب سرد القصص، التي تهدف إلى إثارة الاِستجابة العاطفية لدى العملاء وخلق اِرتباط معهم. وهذا يخلق تجربة وعلاقات أكثر أصالة بين العلامات التجارية والعملاء، وهو ما يتوقَّعه الجمهور في الزمن الحالي.
الخلاصة
من خلال اِتّباع الخطوات المذكورة أعلاه، يُمكنك إنشاء إستراتيجية تموضع قوية لعلامتك التجارية، ممَّا يُساعدها على التميّز واِستقطاب جمهورها المستهدف بنجاح في سوق تنافسي. وتأكّد من مراجعة اِستراتيجيتك وتكييفها مع تطورات السوق وتفضيلات العملاء بشكل دوري.